للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«إذ تسوروا المحراب» وهو ضمير جمع، وكذلك قوله تعالى: «قالوا لا تخف» (١) يدل على أن الاثنين يصدق عليهما لفظ الجمع.

والجواب عن الأوّل أن الطائفة جماعة والجماعتان جمع بالضرورة، فلذلك عاد عليه ضمير الواو.

وقوله تعالى: «لحكمهم» عائد على الحكمين والمحكوم له والمحكوم عليه فهم أربعة والمصدر كما يضاف للفاعل يضاف للمفعول فأضيف للجمع (٢) .

وعن الثالث أن الخصم في اللغة يصدق على الفرد والمثنى والجمع تقولا لعرب رجل خصم ورجلان خصم ورجال خصم، كما تقول رجل ضيف ورجلان ضيف ورجال ضيف فلما كان الخصم يطلق واحده على الجمع أطلق تثنيته على الجمع كما تقدم في التثنية

وربما استدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام: «والاثنيان فما فوقهما جماعة» فسمى الاثنين جماعة وبأن معنى الجمع حاصل في الاثنين فوجب صدق الجمع عليهما.

والجواب عن الأوّل أن معناه فضيلة الجماعة تحصل للاثنين فالمراد الحكم الشرعي لا اللغوي فإنه عليه الصلاة والسلام إنّما بعث لبيان الشرعيات.

وعن الثاني أن معنى الضم والاجتماع صادق على التثنية والاثنين إجماعاً إنّما الكلام في ألفاظ الجموع هل تصدق على الاثنين حقيقة أم لا فأين أحدهما من الآخر؟!

فائدة: على ما تقدم نم لفظ جمع القلة والكثرة يكون ضابط جمع القلة هو اللفظ الموضوع للاثنين فأكثر، أو الثلاثة فأكثر على الخلاف بقيد كونه لا يتعدى العشرة فهو موضوع للقدر المشترك بين هذه الرتب الحاصلة من الثلاثة إلى العشرة وجمع الكثرة هو اللفظ الموضوع للأحد عشر فأكثر من غير حصر، فهو للقدر المشترك بين هذه الرتب التي لا نهاية لها بقيد كونها لا تنقص عن الأحد عشر فسماها غير محصور، بخلاف مسمى جموع القلة.

فائدة: معنى قول العلماء أقل الجمع اثنان أو ثلاثة، معناه أن مسمى الجمع مشترك فيه (٣) بين رتب كثيرة وأقل مرتبة يصدق فيها المسمى هي الاثنان فيصير معنى الكلام أقل مراتب مسمى الجمع اثنان أو ثلاثة.


(١) ٢٢ (ص)
(٢) وهذا هو الجواب عن الثاني فتأمل.
(٣) في نسخة سقطت لفظة (فيه) .

<<  <   >  >>