للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحو قوله تعالى: «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق» (١) ولذلك يرد على الشافعية في قوله عليه الصلاة والسلام: «في سائمة الغنم الزكاة» إنه خرج مخرج الغالب، فإن غالب أنعام الحجاز وغيرها السوم.

إنّما قال العلماء إن مفهوم الصفة إذا خرجت مخرج الغالب لا يكون حجة ولا دالاً على انتفاء الحكم عن المسكوت عنه، بسبب أن الصفة الغالبة على الحقيقة تكون لازمة في الذهن بسبب الغلبة، فإذا استحضرها المتكلم ليحكم عليها حضرت معها تلك الصفة، فنطق بها المتكلم لحضورها في الذهن مع المحكوم عليه، لا أنه استحضرها ليفيد بها انتفاء الحكم عن المسكوت عنه، أما إذا لم تكن غالبة لا تكون لازمة للحقيقة في الذهن، فيكون المتكلم قد قصد حضورها في ذهنه ليفيد بها سلب الحكم عن المسكوت عنه، فلذلك لا تكون الصفة الغالبة دالة على نفي الحكم، وغير الغالبة دالة على نفي الحكم عن المسكوت عنه.

سؤال: كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله يقول إذا كانت الصفة غالبة هي أولى بالدلالة على نفي الحكم عن المسكوت عنه، بسبب أنها إذا كانت غالبة كانت العادة والغلبة تفيدها للسامع وإنما هي صفة هذه الحقيقة فلا يحتاج المتكلم إلى لفظ يدل به

عليها اكتفاء بالعادة، فما نطق بها حينئذ إلاّ لقصد عدم الإعلام بها، وهو سلب الحكم عن المسكوت عنه، أما غير الغالبة فلم تكن العادة دالة عليها فأمكن (٢) أن يقال نطق بها المتكلم ليفيد السامع أن هذه الحقيقة هي الصفة تعرض لهان فيكون هذا مقصوده دون قصد سلب الحكم عن المسكوت عنه، فعلم أن ما قالوه يمكن أن يكون بالعكس وهو سؤال حسن.

وجوابه: ما تقدم في التعليل.

الثاني أن التقييد بالصفة في جنس هل يقتضي نفي ذلك الحكم عن سائر الأجناس فيقتضي الحديث مثلاً في نفي وجوب الزكاة عن سائر الأنعام وغيرها أو لا يقتضي نفيه إلاّ عن ذلك الجنس خاصة وهو اختيار الإمام.


(١) ٣١ الإسراء.
(٢) في نسخة: فلما لم تكن العادة عليها أمكن. . الخ.

<<  <   >  >>