والمركب حينئذ حقيقة عرفية، ولا يحتاج في هذه الحقيقة العرفية إلى تقدير شيء غير المتبادر من هذه الحقيقة، وقد تقدم أن النقل كما يحصل في المفردات يحصل في المركبات، ويكون ذلك المركب حقيقة عرفية مجازاً لغوياً، وهو مجاز في التركيب اشتهر حتى صار حقيقة عرفية، فإذا قال عليه الصلاة والسلام:«ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم» فُهم من الأوّل السفك، ومن الثاني الأكل، ومن الثالث التكلم والسب، وكذلك يفهم من الخمر الشرب، ومن الثوب اللبس، ومن الخنزير الأكل، وهلم جرا، فلا إجمال.
وإذا دخل النفي على الفعل كان مجملاً عند أبي عبد الله البصري، نحو قوله عليه الصلاة والسلام:«لا صلاة إلاّ بطهور» ، «ولا نكاح إلاّ بولي» لدوران النفي بين الكمال والصحة، وقيل إن كان المسمى شرعياً انتفى ولا إجمال، وقولنا هذه صلاة فاسدة محمول على اللغوي وإن كان حقيقياً نحو الخطأ والنسيان، وله حكم واحد وانتفى، ولا إجمال، وإلا تحقق الإجمال، وهو قول الأكثرين.
كما ورد «لا صلاة إلاّ بطهور» ولزم نفي الإجزاء ورد «لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد» ولزم نفي الكمال فقط، فصار النفي متردداً بين هذين الأمرين، فلزم الإجمال. وقال غيره: لا يكون مجملاً بل يحمل على نفي الصحة، لأن ظاهر النفي يقتضي نفي الذات
الواقعة في الماضي، لأن معنى - لا صلاة - معناه إذا وقعت صلاة تكون باطلة، فالنفي في المعنى إنّما توجه لواقعن لكن نفي الواقع محال، فيتعين النفي لما هو أقرب لنفي الحقيقة وهو نفي الإجزاء، لأن المشابهة بين نفي الإجزاء ونفي الذات أشد من المشابهة بين نفي الكمال ونفي الذات، فإن منفي الصحة معدوم شرعاً بخلاف منفي الكمال، والمشابهة إحدى علاقات المجاز، وإذا كان الشبه أقوى كان المصير إليه أولى؛ ولأن النفي عام في الذات والصفات؛ أما في الذات فلظاهر اللفظ، وأما في الصفات فلأن الدال على نفي الذات مطابقة دال على نفي الصفات التزاماً، وإذا ثبت العموم في الجميع - وقد