تعالى على شريعته، فأما هؤلاء الثلاثة فقد درست شرائعهم، وما درس لا يكون حجة ولا يعبد الله تعالى به.
وعن الثاني: أن هذه الأفعال وإن قلنا بأن الأحكام لا تثبت إلاّ بالشرع فإنَّها يستصحب فيها براءة الذمة من التبعات، فإن الإنسان ولد بريئاً من جميع الحقوق، فهو يستصحب هذه الحالة، حتى يدل دليل على شغل الذمة بحق، فهذا يكفي من مباشرته عليه الصلاة والسلام لهذه الأفعال.
فائدة: تقدم أن الصواب كسر الباء وهو الذي يظهر لي، غير أنه وقع لسيف الدين في هذه المسالة كلام يدل على خلاف ذلك، وهو إن قال غير مستعبد في العقد أن يعلم الله تعالى مصلحة شخص معين في تكليفه شريعة من قبله، وهذا كلام يقتضي فتح الباء، فانظر في ذلك لنفسك، وأما غيره فلم أر له تعرضاً لذلك، فما أدري هل أغتر بالموضع فأطلق هذه العبارة في الاستدلال، أو هو أصل يعتمد عليه.
فائدة: حكاية الخلاف في أنه عليه الصلاة والسلام كان متعبداً قبل نبوته بشرع من قبله، يجب أن يكون مخصوصاً بالفروع دون الأصول، فإن قواعد العقائد كان الناس في الجاهلية مكلفين بها إجماعاً، ولذلك انعقد الإجماع على أن موتاهم في النار يعذبون على كفرهم، ولولا التكليف لما عذبوا، فهو عليه الصلاة والسلام متعبد بشرع من قبله بفتح الباء بمعنى مكلف هذا لا مرية فيه، إنّما الخلاف في الفروع خاصة؛ فعموم إطلاق العلماء مخصوص بالإجماع.
قائدة: قال المازري والأبياري في شرح البرهان، والإمام، وإمام الحرمين: هذه المسألة لا تظهر لها ثمرة في الأصول ولا في الفروع البتة، بل تجري مجرى التواريخ المنقولة ولا ينبني عليهم حكم في الشريعة البتة، وكذلك قاله التبريزي.
وأما بعد نبوته عليه الصلاة والسلام، فمذهب مالك وجمهور أصحابه وأصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة رحمة الله عليهم أنه متعبد بشرع من قبله، وكذلك أمته، إلاّ ما خصصه الدليل ومنع من ذلك القاضي أبو بكر