وثالثها: أنه عليه الصلاة والسلام صوب معاذاً في حكمه باجتهاد نفسه إذا عدم الحكم في الكتاب والسنةن وذلك يقتضي أنه لا يلزمه اتباع الشرائع المتقدمة.
والجواب عن الأوّل أنه قد تقدم أن شرع من قبلنا إنّما يلزمنا إذا علمناه من قبل نبينا عليه الصلاة والسلام بوحي، أما من قبلهم فلا يلزم مراجعتهم لعدم الفائدة في ذلك، وهو الجواب عن الثاني. وعن الثالث: أن من جملة الكتب دلالته على اتباع الشرائع المتقدمة.
فائدة: قال الإمام فخر الدين: إذا قلنا بأنه كان متعبداً فقيل بشرع إبارهيم وقيل بل بموسى، وقيل بل بعيسى عليهم الصلاة والسلام، وهذا الذي نقله هذا النقل بعينه فيما قبل النبوة، ونقل المازري الخلاف بعينه في المسألتين، وكذلك نقل من قال كان متعبداً بشريعة كلّ نبي تقدمه إلاّ ما نسخ أو درس، وهذا لم ينقله الجماعة، مع أنه غالب بحث الفقهاء في المباحث، فلا يخصصون شرعاً معيناً دون غيره.
قال القاضي: ومذهب المالكية أن جميع شرائع الأمم شرع لنا إلاّ ما نسخ ولا فرق بين موسى عليه الصلاة والسلام وغيره، قال ابن برهان وقيل كان متعبداً قبل النبوة بشرع آدم، لأنه ألو الشرائع، وقيل كان على دين نوح عليه الصلاة والسلام - والله أعلم.