للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في زمن بختتصر فإنه أباد اليهود حتى لم يبق منهم من يصلح للتواتر، وبه يظهر الجواب عن شرعنا نحن لسلامته عن الآفات.

وعن الثاني: أن هذا النقل أيضاً لا يصح الاعتماد عليه لانقطاع عدد اليهود كما تقدم، ولأن لفظ الأبد منقول في التوراة وهو على خلاف ظاهره، قال في العبد يستخدم ست سنين ثم يعتق في السابعة، فإن أبى العتق فلتثقب أذنه ويستخدم أبداً، مع تعذر الاستخدام أبداً، بل العمر، فأطلق الأبد على العمر فقط.

وثانيها: قال في البقرة التي أمروا بذبحها تكون لكم سنة أبداً، ومعلوم أن ذلك ينقطع بخراب العالم وقيام الساعة.

وثالثها: أُمروا في قصة دم الفصح (١) أن يذبحوا الجمل ويأكلوا لحمه ملهوجاً (٢) ولا يكسروا منه عظماً ويكون لهم هذا الجمل سنة أبداً ثم زال التعبد بذلك أبداً.

وقال في السفر الثاني - فروا إلى كلّ يوم خروفين خروفاً غدوة وخروفاً عشية قرباناً دائماً لأحقابكم - وهم لا يفعلون ذلك، ثم مذهبهم منقوض بصور إحداها أن في التوراة أن السارق إذا سرق في المرة الرابعة تثقب أذنه ويباع، وقد اتفقوا على نسخ ذلك.

وثانيتها: اتفق اليهود والنصارى على أن الله تعالى فدى ولد إبراهيم من الذبح وهو نص التوراة، وهذا أشد أنواع النسخ، لأنه قبل الفعل الذي منعه المعتزلة، وإذا جاز في الأشد جاز في غيره بطريق الأولى.

وثالثتها: أن في التوراة أن الجمع بين الحرة والأمة في النكاح كان جائزاً في شرع إبراهيم عليه الصلاة والسلام لجمعه بين سارة الحرة وهاجر الأمة وحرمته التوراة.

ورابعتها: أن التوراة قال الله تعالى فيها لموسى - عليه السلام -: أخرج أنت وشيعتك لترثوا الأرض المقدسة التي وعدت بها أباكم إبراهيم، أن أرثها نسله فلما ساروا إلى التيه قال الله تعالى - لا تدخلوها لأنكم قد عصيتموني - وهو عين النسخ.

وخامسها: تحريم السبت فإنه لم يزل العمل مباحاً إلى زمن موسى عليه


(١) الفصح كالفطر لفظاً ومعنى.
(٢) اللحم الملهوج الذي لم يتم نضجه.

<<  <   >  >>