للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو من الضمير لأنه كناية عما في الضمير وهو الاسم الظاهر أو مسماه، ولا بد له من مفسر، فقد يكون لفظاً منفصلاً عنه نحو زيد مررت به، وهذا هو الأصل، ثم يقوم مقامه أمور أخر تصيِّره معلوماً كقوله تعالى «إنا أنزلناه في ليلة القدر» (١) ولم يتقدم للقرآن الكريم ذكر بل كان معلوماً بالمحاورات المتقدمة، وكقوله تعالى «كل من عليها فان» (٢) ولم يتقدم الأرض ذكر لكنها معلومة بالسياق، وكقوله تعالى «حتى توارت بالحجاب» (٣) ولم يتقدم للشمس ذكر. أما الموصلات فلا بد أن تتصل صلاتها بها نحو مررت بالذي قام وبمن قام أو بما قام، وأسماء الإشارة هذا وتلك وهؤلاء وأولاء لا بد معها من مفسر، وأصله أن يكون فعلاً من إشارات الأعضاء أو غيرها، والمضمرات ثلاثة أقسام للمتكلم والمخاطب والغائب، فالمحتاج لما تقدم إنما هو ضمير الغائب نحو: هو وهي ونما وهم وهن، وأما المخاطب نحو أنت وأنت وأنتما وأنتم وأنتن، والمتكلم نحو: أنا ونحن فلا يحتاج شيء من هذين القسمين إلى معرفة (٤) لفظ ظاهر، بل من قال لك: أنا، عرفته وإن لم تعرف اسمه، وكذلك من قلت له أنت، انتظم الكلام بينكما وإن لم تعرف اسمه، بل قرينة التكلم والخطاب كافية في ذلك، فلذلك نوعت المحتاج إليه في بيان المضمر إلى لفظ أو قرينة.

فائدة جليلة: اختلف الفضلاء في مسمى لفظ المضمر حيث وجد، هل هو جزئي أو كلي؟ فرأيت الأكثرين على أن مسماه جزئي، واحتجوا على ذلك بوجهين الأول: أن النحاة

أجمعوا على أن المضمر معرفة والصحيح أنه أعرف المعارف، فلو كان مسماه كلياً لكان نكرة، فإن النكرة إنما كانت نكرة لأن مسماها كلي مشترك فيه بين أفراد غير متناهية لا يختص به واحد منها دون الآخر، والمضمر ليس كذلك، فلا يكون نكرة. الثاني: أن مسمى المضمر إذا كان كلياً كان دالاً على ما هو أعم من الشخص المعين، والقاعدة العقلية أن الدال على الأعم غير دال على الأخص، فيلزم أن لا يدل المضمر على شخص خاص البتة وليس كذلك، بل


(١) ١ القدر.
(٢) ٢٦ الرحمن.
(٣) ٢٢ سورة ص.
(٤) في واحدة من المخطوطات تقدم بدل معرفة.

<<  <   >  >>