وهو ينقسم إلى اللفظي وهي أن يقع المشترك (١) بين ذلك العدد في اللفظ المروي والمعنوي وهو وقوع الاشتراك في معنى عام كشجاعة علي - رضي الله عنه - وسخاء حاتم.
اللفظي كما تقول: القرآن الكريم متواتر أي كلّ لفظ منه اشترك فيها العدد الناقل للقرآن، وكذلك دمشق وبغداد أي جميع النقلة نطقوا بهذه اللفظة، وأما المعنوي فلا يقع الشركة في اللفظ كما يروى أن علياً - رضي الله عنه - قتل ألفاً في الغزوة الفلانية وتروي قصص أخرى بألفاظ أخرى، وكلها تشترك في معنى الشجاعة، فنقول شجاعة علي - رضي الله عنه - ثابتة بالتواتر المعنوي، ويروى أن حاتماً وهب مائة ناقة ويروي آخر أنه وهب ألف دينار ونحو ذلك، حتى تتحصل حكايات مجموعها يفيد القطع بسخائه، وإن كانت كلّ حكاية من تلك الحكايات لم يتواتر لفظها فهذا هو التواتر المعنوي.
وشرطه على الإطلاق إن كان المخبر لنا غير المباشر استواء الطرفين والواسطة وإن كان المباشر فيكون المخبر عنه محسوساً فإن الأخبار عن العقليات لا يحصل العلم.
التواتر له أربع حالات: طرف فقط إن كان المخبر هو المباشر، وطرفان بغير واسطة إن كان المخبر لنا غير المباشر، وطرفان وواسطة وهو اجتماع ثلاثة المباشر وطائفة أخرى تنقل على الطائفة المباشرة، وطائفة ثالثة تنقل إلينا عن الواسطة الناقلة عن الطائفة المباشرة وطرفان ووسائط كما في القرآن الكريم، فإن سامعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نقله عنه وسائط وقرون حتى انتهى إلينا بعد ستة أو سبعة ونحو ذلك، وعلى كلّ واحد من هذه الطرق لا بد من شرطين في الجميع أن تكون كلّ طائفة يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة وأن يكون المخبر عنه أمراً حسياً. فهذا معنى قول العلماء: من شرط التواتر استواء الطرفين والواسطة، معناه إن كان له طرفان أو واسطة، وإلا فقد لا يلزم ذلك في التواتر كما تقدم بيانه.