عنه، حتى قال بعضهم أن المرسل أقوى من المسند بهذا الطريق، وهو أن المرسل قد تذمم الراوي وأخذه في ذمته عند الله تعالى: وذلك يقتضي وثوقه بعدالته، وأما إذا أسند فقد فوض أمره للسامع ينظر فيه ولم يتذممه، فهذه الحالة أضعف من الإرسال.
فرع: نقل عن الشافعي - رضي الله عنه - أنه قال: لا أقبل من المراسيل إلاّ مراسيل سعيد بن المسيب، فإني أعتبرتها فوجدتها مسندة، ففي الحقيقة ما أعتبر إلاّ مسنداً.
قال القاضي عبد الوهاب في الملخص: ظاهر مذهب الشافعي رد المراسيل مطلقاً وهو قول أصحاب الحديث، ومن أصحابه من يقول إن مذهبه قبول مراسيل الصحابة وأما مراسيل التابعين فيعتبرها بأمور تقويها. أحدها إذا كان ظاهر حاله أن ما يرسله يسنده غيره. وثانيها أن ما أرسله قال به بعض الصحابة. وثالثها أن يفتي به عامة العلماء. ورابعها أن يعلم من حاله أنه إذا سمى لا يسمي مجهولاً ولا من فيه علة تمنع قبول حديثه، ومن أصحابه من يقول مذهبه قبول مراسيل سعيد بن المسيب والحسن دون غيرهما، وحكى عن بعض من يقبل المراسيل أنه شرط أن يكون المرسل صحابياً أو تابعياً دون تابعي التابعي إلاّ أن يثبت أنه إمام، قاله عيسى بن أبان.
سؤال: الإرسال هو إسقاط صحابي من السند، والصحابة كلهم عدول فلا فرق بين ذكره والسكوت عنه، فكيف جرى الخلاف.
[جوابه: أنهم عدول إلاّ عند قيام المعارض وقد يكون المسكوت عنه منهم عرض في حقه ما يوجب القدح فيتوقف في قبول الحديث حتى تعلم سلامته عن القادح وإسقاط تابعي أو غيره يسمى منقطعاً لا مرسلاً وهي اصطلاحات](١) .
ونقل الخبر بالمعنى عند أبي الحسين وأبي حنيفة والشافعي جائز خلافاً لابن سيرين وبعض المحدثين بثلاثة شروط: أن لا تزيد الترجمة ولا تنقص ولا تكون أخفى لأن المقصود إنّما هو إيصال المعاني، فلا يصر فوات غيرها.
(١) ما بين المعكوفين ساقط من النسخ المطبوعة وقد وجدته في واحدة من المخطوطات.