الثاني: عدم التأثير وهو أن يكون الحكم موجوداً مع وصف، ثم يعدم ذلك الوصف ويبقى الحكم، فيقدح، بخلاف العكس وهو وجود الحكم بدون الوصف في صورة أخرى فلا يقدح، لأن العلل الشرعية يخلف بعضها بعضاً.
مثال عدم التأثير: أن تحريم الخمر ثابت مع اللون الخاص للخمر، فإذا تغيرت إلى لون آخر فالتحريم باق، فيعلم أن علة التحريم ليس هو ذلك اللون، والعكس هو عكس النقيض، فإن النقض وجود العلة بدون الحكم والعكس وجود الحكم بدون العلة. مثال النقض تعليل الزكاة بالغنى، فينقض بالعقار الذي فيه الأجرة العظيمة والمنافع الجزيلة مع عدم وجوب الزكاة فيه، فهذا نقض، لأنه وجود العلة التي هي الغنى بدون الحكم الذي هو وجوب الزكاة.
ومثال العكس: تعليل الحد بجناية القذف، فينقض بشرب الخمر أو بغيره فلا يرد، لأن علل الشريعة يخلف بعضها بعضاً، وكما لو قال قائل: الإنزال سبب وجوب الغسل
فينتقض بانقطاع دم الحيض، فإن الغسل واجب ولا إنزال، ولا يرد هذا السؤال، لأن الأسباب يخلف بعضها بعضاً وكذلك الأسباب والأدلة.
قال الشيخ سيف الدين الآمدي رحمه الله: يرد سؤال النقض ولا يرد سؤالا لعكس، إلاّ أن يتفق المناظر أن على اتحاد العلة فيرد النقض والعكس، وكثيراً ما تغلط طلبة العلم في إيراد العكس فيوردونه كما يوردون النقض، وهو غلط كما بينت لك. فقد ظهر الفرق بين النقض والعكس وعدم التأثير، فتأمل ذلك.
الثالث: القلب وهو إثبات النقيض الحكم بعين العلة كقولنا في الاعتكاف لبث في مكان مخصوص، فلا يستقل بنفسه كالوقوف بعرفة، فيكون الصوم شرطاً فيه، فيقول السائل لبث في مكان مخصوص فلا يكون الصوم شرطاً فيه كالوقوف بعرفة، وهو إما أن يقصد به إثبات مذهب السائل أو إبطال مذهب المستدل فالأول كما سبق، والثاني كما يقول الحنفي ألمح ركن من أركان الوضوء فلا يكفي فيه أقل ما يمكن أصله الوجه، فيقول الشافعي ركن من أركان الوضوء فلا يقدر بالربع أصله الوجه.
القلب: يبطل العلة من جهة أنه معارضة في أنها موجبة لذلك الحكم. فإذا