وخرجوا على القولين فروعاً في المذهب، منها ليس خف على خف وغير ذلك.
حجة المنع: أن الرخص مخالفة للدليل، فالقول بالقياس عليها يؤدي إلى كثرة مخالفة الدليل، فوجب أن لا يجوز.
حجة الجواز: أن الدليل إنما يخالفه صاحب الشرع لمصلحة تزيد على مصلحة ذلك الدليل عملاً بالاستقراء، وتقديم الأرجح هو شأن صاحب الشرع وهو مقتضى الدليل، فإذا وجدنا تلك المصلحة التي خولف الدليل لأجلها في صورة وجب أن يخالف الدليل بها أيضاً عملاً برجحانها، فنحن حينئذ كثرنا من موافقة الدليل لا مخالفته.
الثامن: لا يدخل القياس فيما طريقه الحلقة والعادة كالحيض، وفيما لا يتعلق به عمل كفتح مكة عنوة، ونحوه.
لا يمكن أن نقول فلانة تحيض عشرة أيام وينقطع دمها وجب أن تكون الأخرى كذلك قياساً عليها فإن هذه الأمور تتبع الطباع والأمزجة والعوائد في الأقاليم. فرب إقليم يغلب عليه معنى لا يغلب على غيره من الأقاليم، وأما فتح مكة عنوة فإن أريد به أنه وجب أن يكون الواقع العنوة في دمشق كما وقعت في بلد علم أنه عنوة فهذا صحيح، فإن العنوة
تتبع أسبابها، ولا يمكن إثبات عنوة ولا صلح بالقياس، وإن أريد أن العنوة ليس فيها حكم شرعي فليس كذلك، بل لنا أن نثبت العنوة أحكاماً شرعية بالقياس كالحبس في الأراضي وغيرها من الإجارات والشفعات وصحة القسمة والإرث وغير ذلك، فقد قال مالك إن أرض العنوة يمتنع فيها جميع ذلك، وقال الشافعي يجوز فيها جميع ذلك، فهذا تعلق به أحكام شرعية أمكن التمسك في بعضها بالقياس إذا وجد جامع يقتضيه، غير أن الإمام فخر الدين أطلق القول في ذلك، والحق في التفصيل.