بعض الأوقات يخشى أن يكون ما يرويه لنا الآن مما سمعه في تلك الحالة، والذي لم يختلط عقله أمناً فيه ذلك، والذي له اسم واحد يبعد التدليس فيه، والذي له اسمان يقرب اشتباهه بغيره ممن ليس بعدل وهو مسمى بأحد اسميه فتقع الرواية عن ذلك الذي ليس بعدل، فيظن السامع أنه العدل ذو الاسمين فيقبله، والذي وقعت روايته في زمن الصبا إذا روى عنه لنا يجوز أن يكون مما يقل عنه في زمن الصبا، ورواية الصبي غير موثوق بها بخلاف الذي لم يرو إلا بعد البلوغ، وما روى بالمدينة ظاهر حالة التأخر عن المكي لأنه بعد الهجرة، والمتأخر يرجح لأنه قد يكون
الناسخ، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما كنا نأخذ الأحدث فالأحدث من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكون مساوياً لمتأخر الإسلام، ويحتمل استماعه أول إسلامه فيكون متقدماً في الزمان مرجوحاً في العمل، والذي لا احتمال فيه أولى مما فيه احتمال المرجوحية.
وأما ترجيح المتن قال الباجي يترجح السالم من الاضطراب والنص في المراد أو غير متفق على تخصيصه أو ورد على غير سبب، أو قضي به على الآخر في موضع أو ورد بعبارات مختلفة، أو يتضمن نفي النقص، عن الصحابة رضوان الله عليهم، والآخر ليس كذلك.
الاضطراب اختلاف ألفاظ الرواة، والنص هو الذي لا يحتمل المجاز والذي لم يتفق على تخصيصه كما تقدم في آية الأختين والوارد على سبب اختلف العلماء فيه، هل يقصر على سببه أم يخلى على عمومه؟ والذي لم يرد على سبب سلم عن هذا الاختلاف ويحمل على عمومه إجماعاً، وإذا قدم أحد الخبرين على الآخر في موطن كان ذلك ترجيحاً له عليه لأنها مزية له، وإذا ورد بعبارات مختلفة والمعنى واحد قوى ذلك المعنى في النفس، وبعد اللفظ عن المجاز، والعبارة الواحدة تحتمل المجاز وأن يراد غير ذلك المعنى الظاهر وهذا غير الاضطراب فإنه اختلاف اللفظ واختلاف المعنى بالزيادة والنقصان.
قال الإمام رحمه الله أو يكون نصبح اللفظ، أو لفظه حقيقة، أو يدل على المراد من وجهين، أو يؤكد لفظه بالتكرار أو يكون ناقلاً