من لا يؤمن، فإن حظه منه الإنذار ليس إلا، فهو محصور في إنذاره ولا وصف له غير الإنذار باعتبار هذه الطائفة وغلا فهذه الصيغة تقتضي حصره في الندارة فلا يوصف بالبشارة ولا بالعلم ولا بالشجاعة ولا بصفة أخرى. ومن هذا الباب قولهم زيد صديقي وصديقي زيد، فالأول يقتضي حصر زيد في صداقتك فلا يصادق غيره، وأنت يجوز أن تصادق غيره، والثاني يقتضي حصر أصدقائك فيه وهو غير محصور في صداقتك، بل يجوز أن يصادق غيرك على عكس الأول.
قد تقدم أن الذي يلزم ثبوته في هذه المواطن كلها من المفهومات إنما هو النقيض لا الضد ولا الخلاف.
وقولي بصيغة (إنما) ونحوها لا يحسن في الحدود، لأن نحوها ليس هو مثلها في اللفظ وإلا لكان هو إياها بعينها. بل معناه ونحوها مما يفيد الحصر والجاهل بالحصر كيف يعلم ما يفيده، فيصير هذا تعريفاً بالمجهول. بل حسن ذلك أني فسرت ذلك بثلاث أخرى مبينة بعدها، فذهب الإجمال.
وقولي تقديم النفي قبل إلا يعمم جميع أنواع النفي نحو ما قام إلا زد، ولم يقم إلا زيد، ولن يقوم إلا زيد، ولما يقم إلا زيد. كيفما تقلب النفي.
وقولي المبتدأ مع الخبر تارة يكون الخبر معرفة باللام أو الإضافة، وتارة يكون نكرة، وعلى كل تقدير يفيد الحصر، لكن يختلف الحصر. وإنما قلنا إن الحصر ثابت مطلقاً لأن المبتدأ يجوز أ، يكون أخص أو مساوياً، ويمتنع عليه أن يكون أعم لغة وعقلاً، فلا يجوز أن تقول الحيوان إنسان ولا الزوج عشرة، بل الإنسان حيوان والعشرة زوج، حينئذ يصدق وقبل ذلك فهو كاذب، والعرب لم تضع إلا للصدق دون الكذب، والمساوي يجب
أن يكون محصوراً في مساويه والأخص محصوراً في أعمه، وإلا لم يكن أخص ولا مساوياً، فهذا برهان