للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقلاً صفة له عليه الصلاة والسلام باعتبار هذا المقام إلا البشرية الصرفة وما عدا ذلك من الرسالة والنبوة وجميع صفات كماله عليه الصلاة والسلام لا مدخل لها في الاطلاع على بواطن الخصوم، بل كما قال عليه الصلاة والسلام فأقضي له على نحو ما أسمع، وقال أقضي بالظاهر والله يتولى السرائر. ومن ذلك قوله تعالى: «إنما الحياة الدنيا لعب ولهو» (١) وحصرها في اللعب مع أنها مزرعة الآخرة، وفيها تحصل الولاية والصديقية، وتكتسب المراتب العلية والدرجات الرفيعة، وكل خير مكتب في الآخرة فهو من هذه الدار، وهذه خيرات حسان وفضائل علية للدنيا، فكيف تحصر في اللعب؟! وإنما ذلك باعتبار من آثرها، فإنها في حقه لعب صرف. وتلك المحاسن لا ينال هذا منها شيئاً، فهو حصر بحسب بعض الاعتبارات، وهو كثير في القرآن الكريم. وقد ذكرت منه جملاً كثيرة في كتاب الاستغناء في أحكام الاستثناء، وصديقي زيد يجوز أن يصادق غيري لأن الأول أبداً محصور فيا لثاني، والثاني يجوز أن يكون أعم فلا ينحصر في الأول، فلذلك يجوز أن يصادق زيد غيري، لأني حصرت صداقتي فيه ولم أحصره في صداقتي، وكذلك قوله تعالى «إنما يخشى الله من عباده العلماء» (٢)

يقتضي حصر خشية الله تعالى في العلماء، فلا يجوز أن يخشاه تعالى غيرهم، ويجوز أن يخشوا هم غيره تعالى بالنظر على دلالة هذا اللفظ، ولو عكس فقيل: إنما يخشى العلماء الله

بتقديم الفاعل انعكس الحال، فلا يخشون غيره، ويجوز أن يخشاه غيرهم بالنظر إلى دلالة اللفظ.

فائدة: باب الحصر ينقسم على حصر الثاني في الأول في تقديم المعمولات، فالعبادة والاستعانة والعمل محصورات في تلك الآيات فيما تقدم عليها. وكذلك لام التعريف فيما حكيته عن الإمام فخر الدين، وإلى حصر الأول في الثاني فيما عدا ذلك.


(١) من الآية ٣٦ سورة محمد عليه السلام.
(٢) ٣٨ فاطر..

<<  <   >  >>