للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يذكر فوزي أنه برغم إخلاصه في خدمة الكنيسة فإنه كانت تؤرقه ما يسمونها "أسرار الكنيسة السبعة" وهي: التعميد، والاعتراف، وشرب النبيذ، وأكل لحم المسيح، والأب، والابن، والروح القدس ... وأنه طالما أخذ يفكر ملياً في فكرة الفداء أو صلب المسيح ـ عليه السلام ـ افتداءً لخطايا البشرية كما يزعم قسس النصارى وأحبارهم، وأنه برغم سنه الغضة فإن عقله كان قد نضج بدرجة تكفي لأن يتشكك في صحة حادثة الصلب المزعومة، وهي أحد الأركان الرئيسية في عقيدة النصارى المحرفة، ذلك أنه عجز عن أن يجد تبريراً واحداً منطقياً لفكرة فداء خطايا البشرية، فالعدل والمنطق السليم يقولان بأن لا تزر وازرة وزر أخرى، فليس من العدل أو المنطق أن يُعَذَّب شخص لذنوب ارتكبها غيره.. ثم لماذا يفعل المسيح عليه السلام ذلك بنفسه إذا كان هو الله وابن الله كما يزعمون؟! .. ألم يكن بإمكانه أن يغفر تلك الخطايا بدلاً من القبول بوضعه معلقاً على الصليب؟!

ثم كيف يقبل إله ـ كما يزعمون ـ أن يصلبه عبد من عباده، أليس في هذا مجافاة للمنطق وتقليلاً بل وامتهاناً لقيمة ذلك افله الذي يعبدونه من دون الله الحق؟ .. وأيضاً كيف يمكن أن يكون المسيح عليه السلام هو الله وابن الله في آن واحد كما يزعمون؟!

كانت تلك الأفكار تدور في ذهن الفتى وتتردد في صدره، لكنه لم يكن وقتها قادراً على أن يحلل معانيها أو يتخذ منها موقفاً حازماً، فلا السن تؤهله لأن يتخذ قراراً ولا قدراته العقلية تسمح له بأن يخوض في دراسة الأديان ليتبين الحقائق واضحة، فلم يكن أمامه إلا أن يواصل رحلته مع النصرانية ويسير وراء القسس مردداً ما يلقنونه له من عبارات مبهمة.

<<  <   >  >>