للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يجد "ملقاه" ذاته في التوراة أو الإنجيل، إذ رأى في الأولى مجموعة من الأقاصيص والأساطير التي عمد الكهان والأحبار إلى حشوها بكل ما هو غريب بعد أن حرفوا الكلم عن مواضعه، فلم يتقبل عقل "ملقاه" ما في التوراة المحرفة من خرافات وأباطيل، فنبذها إلى دراسة الإنجيل الذي تؤمن به والدته، فوجد أن التناقض بين نصوص الأناجيل واضح، فضلاً عن كونها لا تقدم تفسيراً للحياة والكون ولا تحاول تنظيم أية علاقة في شئون الدنيا والآخرة، فأدرك أنها ليست الكتاب المنزل على عيسى عليه السلام، أما الإسلام فلم يحاول "ملقاه" أن يدرسه ولم يَسْعَ إليه لحظة، فالدعاية الكنسية القوية والمؤثرة تصور الإسلام على أنه دين المتخلفين وتنسب العديد من الافتراءات والأكاذيب عليه وعلى المسلمين، ومن ثم كبر "ملقاه" على بغض الإسلام، وبحث عن مهنة تليق بمستوى أسرته الاجتماعي وتتيح له أن يحيا حياته في بحبوحة ورغد من العيش، فلم يجد أفضل من السلك الكنسي، حيث سيحظى بالاحترام وبالمرتب الكبير وبالسيارة، وقد ساعده على الالتحاق بالعمل في الكنيسة حفظه التوراة، وصار الشاب "ملقاه" قساً يشار إليه بالبنان وتقبل العامة يديه وينادونه "أبانا"..

واستمر عمله في الكنيسة ست سنوات، اجتهد خلالها في الدعوة إلى النصرانية دونما كلل أو ملل ن ولاسيما أنه ينعم بمميزات عدة من راتب سخي وسكن أنيق وسيارة فاخرة في بلد تهدده المجاعة كل يوم وتفتك بالكثيرين من مواطنيه.

<<  <   >  >>