للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولفظ الأمن إنما يستعمل في الخوف من العدو، لا في المرض، وقد أورد عليه أننا نمنع أن يكون الأمن قاصرا على الأمن من العدو، ولئن سلّم: فخصوص بعض أفراد العام بحكم ذكر في آخر الآية لا يذهب بعموم أولها في حكم غير هذا الخاص.

اسْتَيْسَرَ تيسر، كاستعظم تعظم، واستكبر تكبر.

الْهَدْيِ جمع هدية كما تقول: تمر وتمرة، وفي الهدي تشديد للياء وتخفيفها، والهدي ما يهدى إلى بيت الله عزّ وجلّ تقربا إلى الله، وقد روي عن علي، وابن عباس والحسن. وقتادة: الهدي أعلاه بدنة، وأوسطه بقرة، وأخسه شاة، فعليه ما تيسر من هذه الأجناس. وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وابن شبرمة «١» ، غير أنه جعل البدن خاصة بالإبل، وهم جعلوها في الإبل والبقر، والخلاف في السن المجزئ يعرف في الفقه، ثم إن حقيقة الحج والعمرة معروفة في الفقه، وقد ذكر المفسّرون هنا أقسام الحج: الإفراد، والقران، والتمتع، وحقائقها أيضا معروفة في الفقه.

وقد اختلف العلماء في أيها أفضل؟ فقال الشافعي: أفضلها الإفراد، ثم التمتع ثم القرآن، وعنه: إنّ التمتع أفضل من الإفراد، وهو مروي عن مالك رضي الله عنه.

إن التمتع جاء ذكره في القران. ولم يجئ القران.

وللشافعي

قوله عليه الصلاة السلام: «القرآن رخصة» «٢»

ولأنّ في الإفراد زيادة التلبية والسفر، والحلق.

والحنفية احتجوا بما

روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «يا آل محمد! أهلّوا بحجّ وعمرة معا» «٣»

والذي يعنينا هو: هل في الآية ما يؤيّد واحدا من هذه المذاهب؟ ترى أن الآية ليس فيها ما يصلح حجة لواحد من الآراء. فليس فيها إلا الأمر بالإتمام، وهو لا يقتضي شيئا منها، فالمدار في إثبات المذاهب على السنة والترجيح فيها.

ثم إن الإحصار كما يكون عن الحج يكون عن العمرة، لأن الله تعالى يقول:

فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ومعناه منعتم، وهو بإطلاقه ينصرف إلى المنع مما تقدم. والذي تقدم هو قوله: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فيكون المنع منهما سواء.

وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ قد اختلف السلف في المكان الذي يذبح فيه


(١) عبد الله بن شبرمة، فقيه العراق، أبو شبرمة، قاضي الكوفة وكان شاعرا توفي سنة (١٤٤ هـ) انظر سير أعلام النبلاء للذهبي (٦/ ٥٠٠) ترجمة (٩٨٠) .
(٢) قال الزيلعي: غريب جدا انظر نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للزيلعى (٣/ ١١٥) .
(٣) رواه أحمد في المسند (٦/ ٢٩٨) .

<<  <   >  >>