للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعنى: أنّ الحاجّ إذا أحصر فحلّ من إحرامه بهدي يذبحه: فعليه قضاء عمرة وحجة، فإن هو تمتع بهما، وجمع بينهما في أشهر الحج في سفر واحد: فعليه دم آخر للتمتع.

وإن اعتمر في أشهر الحج، ثم رجع إلى أهله. ثم حجّ من عامه، فلا دم عليه للتمتع.

قال عبد الله بن مسعود: هديان وسفر أو سفران وهدي، يعني أن من جمع بينهما في سفر واحد بعد الإحصار فعليه هديان: هدي الإحصار، وهدي التمتع، وإن فعلهما في سفرين فليس عليه إلا هدي الإحصار.

ويرى ابن عباس أنّ الآية تشمل كلّ جمع بينهما في سفر واحد. سواء أكان محصرا. أم لا. ويرى ابن مسعود أن الآية في المحصرين فقط. لمكان العطف، وإن كان الحكم واحدا فيمن جمع بينهما الإحصار، أو لغير الإحصار.

وقد روي عن أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم روايات ظاهرها اختلاف في إباحة التمتع، بمعنى جمع العمرة والحج في أشهر الحج:

فمن روي عنه النهي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعثمان بن عفان رضي الله عنه. وروي أن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل حدّث أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحّاك بن قيس عام حج معاوية وهما يتذاكران التمتع بالعمرة إلى الحج. فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله تعالى. قال سعد: بئسما قلت يا ابن أخي! فقال الضحّاك: فإن عمر قد نهى عنه. قال سعد: صنعها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصنعناها معه.

وروي عن قتادة أنه قال سمعت جريّر بن كليب يقول: رأيت عثمان ينهى عن المتعة «١» . وعلي يأمر بها، فأتيت عليّا، فقلت: إن بينكما لشرّا، أنت تأمر بها، وعثمان ينهى عنها! فقال: ما بيننا إلا خير. ولكن خيرنا أتبعنا لهذا الدين «٢» .

وقد روي عن عثمان وعمر- أنهما ما كانا يقصدان النهي، وإنما كانا يقصدان تفريق النسكين، من أجل أن تستمر عمارة البلد الحرام في غير أشهر الحج، وأن يدوم نفع الفقراء طول العام باختلاف الناس إلى الحرم في أشهر الحج بالحج، وفي غيرها بالعمرة.


(١) ذكره الجصاص في كتابه أحكام القرآن (١/ ٢٨٤) .
(٢) المرجع نفسه (١/ ٢٨٥) .

<<  <   >  >>