للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ذلك بأنه لا ذكر لاسم جبريل فى السور المكية وانما ذكرت «الملائكة» بالجمع فقط مثل «تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها» (القدر، ٤) ، وأيضا «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ» «الشعراء، ١٩٣) ، وهذا الرأى يتوافق مع وجهة النظر التى ذكرتها هنا) .

[(ج) الاختلاء فى حراء، التحنث]

ليس هناك ما يدعو الى الشك فى أن محمدا (صلّى الله عليه وسلم) كان يذهب الى حراء، وهو تل على مسافة قريبة من مكة، سواء كان ذلك مع عائلته أو بدونها. وربما كان ذلك وسيلة للهروب من حرارة مكة فى موسم متعب لمن كانوا لا يستطيعون الذهاب الى الطائف*، وتبين التأثيرات اليهودى- مسيحية مثل الرهبان، أو بعض التجارب الشخصية، الحاجة والرغبة فى العزلة.

المعنى الدقيق لكلمة التحنث، وكذلك اشتقاقها، غير مؤكد بالرغم من أنه من الواضح أنها تعنى نوعا من الرياضة التعبدية، وربما كان أفضل الاراء هو ما ذكره هـ. هيرشفيلد «١٩» H.Hirschfeld أنها مشتقة من الكلمة العبرية تحنوت أو تحنوث، والتى تعنى التعبد لله.

ومع ذلك فربما تأثر المعنى بالأصل العربى، فان كلمة حنث (بكسر الحاء وسكون النون) تعنى الرجوع فى قسم أو عدم القدرة على الوفاء به، وذلك يعتبر بصفة عامة خطيئة. وبالتالى فان كلمة «تحنث» تعنى «فعل ما يخرج به من الخطيئة أو الجريمة» ، وهكذا قد يكون استخدام كلمة «تحنث» هنا دليلا على أن مادتها قديمة وأنها بهذا المعنى أصيلة «٢٠» .


* ذكر ابن اسحق عن عبد الملك بن عبد الله بن أبى سفيان بن العلاء بن حارثة قال: وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يخرج الى حراء فى كل عام شهرا من السنة يتنسك فيه، وكان من نسك قريش فى الجاهلية، وكذلك روى عن عبد الله بن الزبير مثل ذلك. مما يدل على أن هذا كان من عادة المتعبدين فى قريش أنهم يجاورون فى حراء للعبادة- (المترجم) .
(١٩)
New researches into the Composition Exegesis of the Quran.London, ١٩٠٢, p.١٠.Supported by C.J.Lyall in JRAS, ١٩٠٣, p.٧٨٠.
(٢٠) وهذا يناقض رأى كيتانى Caetani ,Ann ,i ,p. ٢٢٢ ,n. ٢..

<<  <   >  >>