توجد اشارة طريفة أوردها كل من ابن اسحق والطبرى بعد بداية المقاطعة وربما قبل بدايتها- لمحاولة بعض زعماء مكة عرض تسوية أو صفقة مع محمد صلّى الله عليه وسلم. ويورد الطبرى روايتين، ويورد ابن اسحق «٤٨» ثالثة، وتشير رواية الطبرى الثانية الى أنها منقولة من ابن اسحق ومع هذا فهى غير واردة فى كتاب ابن هشام. ويتضح من هذه الروايات أن أربعة رجال قابلوا محمدا صلّى الله عليه وسلم وعرضوا عليه الثروة والجاه اذا كف عن سب أوثانهم (الهتهم) وأنهم سيعبدون الله، وأن عليه أن يعترف بالهتهم.idols مثل هذه الصفقة (المساومة) كما وردت انفا كانت ستكون هى القاضية على دعوة محمد صلّى الله عليه وسلم، لذلك رفضها. والتعرف على هؤلاء الأربعة أمر مثير. لقد كانوا هم: الوليد بن المغيرة (من مخزوم) ، والعاص ابن وائل (من سهم) ، والأسود بن المطلب (من أسد) ، وأمية بن خلف (من جمح) . وكان ثلاثة من هؤلاء من عشائر تنتمى للأحلاف التى كانت منافسة قديما لبنى هاشم وحلف الفضول، وهذا يؤكد صحة الرواية. فذكر الوليد يشير الى أن هذا الحدث (مساومة النبى) حدث قبل أن يدعى أبو جهل زعامة مخزوم، وبالتالى قبل بدء المقاطعة. وربما كان الهدف من هذا العرض هو التحقق من أنه لو تم القبول بنبوة محمد صلّى الله عليه وسلم لكان معنى هذا قبول زعامته كأمر لا فكاك منه. وعلى أية حال، فمن الممكن أيضا أن هذا الحدث (العرض أو المساومة) بعد بدء المقاطعة- هو ما تذكره المصادر وأن هؤلاء الأربعة لم يكونوا موافقين تماما على المقاطعة.
وكان الوليد باعتباره رجلا كبير السن لا يستطيع أن يعتبر محمدا منافسا خطيرا له على العكس من نظرة أبى جهل اليه (أى الى الرسول صلّى الله عليه وسلم) ، وربما كان الوليد أيضا أكثر اهتماما بأمر عبادة الأوثان. وعلى هذا فهذه العروض التى عرضت على الرسول صلّى الله عليه وسلم- اذا كانت الروايات بهذا الشأن صحيحة- تتضمن أن هؤلاء الرجال قد تحققوا على نحو ما من المواهب القنادية لمحمد صلّى الله عليه وسلم (النص: من مواهبه كرجل دولة. (Statesman