للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذهن، وربما كانت من النوع الخطر، ولكنها كانت دائما فى النطاق المشروع. وقد تؤدى الى اختلاق أكاذيب والحاق خسائر لكن ليس هناك برهان أكيد على أن المعارضة تحولت الى اضطهاد للمسلمين.

٥- قادة المعارضة ودوافعهم

يبقى أن نسأل عن طبيعة المجموعة المكية- أو المجموعات- التى عارضت محمدا صلّى الله عليه وسلم ودوافعها.

أما عن طبيعة هذه المجموعة- أو المجموعات- فهى الشق الأسهل فى مبحثنا هذا. وحتى اذا أخذنا بالرأى القائل بأن المعارضة كانت أكثر اعتدالا مما يشاع، فانه من الواضح أنه قد قادها زعماء عشائر قريش (أو ذوو النفوذ من عشائر قريش) وقد نظر الباحثون الغربيون ببعض الشك لأسماء الأشخاص الذين اعتبروا مناوئين لمحمد صلّى الله عليه وسلم أثناء الحقبة المكية؛ لأن الأسماء وردت فى قوائم من قتلوا أو أسروا فى غزوة بدر، لذا فهذه الأسماء تعكس الأوضاع (فيما يتعلق بأعداء محمد صلّى الله عليه وسلم) فى السنة الثانية للهجرة، أى بعد مغادرة الرسول مكة مهاجرا للمدينة بعامين. ويزداد هذا الشك بحقيقة أن قصيدة أبى طالب التى ذكرناها فيما سبق والتى تتعرض للأوضاع السياسية فى فترة المقاطعة وما حولها، والتى قد تكون- أى القصيدة- صحيحة غير موضوعة- هذه القصيدة تحوى عدة شخوص مختلفة لم يردوا- فى العادة- كمعارضين لمحمد صلّى الله عليه وسلم.

ومن ناحية أخرى، فان قوائم المعارضين تشمل عدة أشخاص ماتوا قبل غزوة بدر مثل المطعم بن عدى، وهذا معناه افتقاد الرواية للتواريخ الصحيحة. لكن يكاد يكون مؤكدا أن هذه القوائم- قوائم أعداء محمد- قد اعتمدت مادة تاريخية سليمة، وبالتالى فهى صحيحة بشكل عام.

لقد كان أبو جهل من عشيرة مخزوم هو أكثر أعداء محمد صلّى الله عليه وسلم شهرة طوال عدة سنوات قبل مقتله (أى مقتل أبى جهل) فى غزوة بدر، وقبل ذلك ربما زعيم مكة الرئيسى هو الوليد بن المغيرة «٩٧» زعيم عشيرة مخزوم،


(٩٧) ابن هشام، ٢٣٨.

<<  <   >  >>