للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن شداد المشار اليها سابقا، أن الاجابة على السؤال: «ماذا أقرأ؟» لم تكن كما وردت فى معظم الروايات الاخرى «اقرأ باسم ... » وانما «بسم ... » فقط، هل يمكن أن يكون ذلك ارهاصا* بالبسملة؟

لا توجد اعتراضات ذات قيمة لما اتفق عليه العلماء المسلمون من أن هذه السورة هى أول ما أوحى من القران. ولا توجد ايات يمكنها أن تعارض سورة العلق بأية فرصة من النجاح «٢٦» ، ومن الطبيعى أن نتوقع أن الأمر بالعبادة هو أول ما يأتى بالنظر الى الاتجاه العام للرسالة الأساسية للقران «٢٧» . وجه الأمر «اقرأ» الى محمد (عليه الصلاة والسلام) واحده، وبالرغم من أنه لا توجد صعوبة فى أن يتسع الأمر ليشمل أتباعه الذين يقتدون به، الا أننا نستطيع أن نتصور أن مبدأ وجود أتباع له لم يخطر بباله عندما أوحيت اليه هذه السورة، أى أنها قد تنتمى الى مرحلة سبقت دعوته للاخرين. كما لا نستبعد، بالطبع، امكان تلقى محمد (عليه الصلاة والسلام) لرسائل أخرى لم يعتبرها من القران، مثل «أنت رسول الله» التى وردت فى الحديث.

[(و) سورة المدثر، الفترة]

هناك حديث عن جابر بن عبد الله الأنصارى أن الايات الأولى من سورة المدثر كانت أول الوحى، وقد يبدو ذلك مناسبا لأن فيها «قم فأنذر» ، وهذا القول يبدو كما لو كان أمرا للقيام بمهمة الرسول، وكان يمكن أن تكون هذه الايات أول الوحى لو أن محمدا (صلّى الله عليه وسلم) قد بدأ الدعوة العلنية فجأة وبدون فترة اعداد، ولكن لو وجدت هذه الفترة الاعدادية، وكان فيها وحى، فان هذا يعنى أن سورة المدثر لا يمكن أن تكون أول الوحى، ولقد رأينا أن «اقرأ» لا تستلزم بالضرورة الدعوة العامة. ولكن من ناحية أخرى، فان استمرار وجود هذا الحديث، بالرغم من الاتفاق العام منذ زمن بعيد أن سورة العلق هى أول


* ارهاصات: اشارة غيبية تصدق فيما بعد (المغنى الكبير- (المترجم) .
Bell ,Origin ,٩٠ f ;Cf.Noldek -Schwally ,i ,٨٢. (٢٦)
(٢٧) انظر الفصل الثالث.

<<  <   >  >>