(أى سابقة على هذا التغير) وبتعبير اخر، فان هذه الاضطرابات وتلك العلل، ما هى الا نتيجة فشل الانسان فى التكيف مع التغيرات الاقتصادية بسبب اتجاهات معينة ظل محتفظا بها من فترة ما قبل التغير.
لقد أدت الظروف الاقتصادية الجديدة الى زيادة ثقة الانسان فى نفسه دون يعى أنه مخلوق، وأدت الى زيادة الفردية دون أن يعى ضرورة المثل الأخلاقية العليا يوازن بها طموحه الفردى، وبدون نظرة دينية جديدة تعطى الفردية معناها.
فالمسألة اذن هى اعادة تكييف الانسان مع الظروف الاقتصادية المتغيرة، وهذا يتطلب التعاون الواعى بين البشر، وما أتى به القران الكريم يفترض أنه أعطاهم تحليلا للموقف سيجعلهم يعيدون تكييف أنفسهم فى ضوئه. ويقدم لنا القران الكريم تحليلا للموقف غير مفصل لكنه كاف للأغراض العملية كما أنه بمثابة دليل للعمل. لقد كان المظهر الذى سرعان ما ظهر نتيجة هذه الاضطرابات الاجتماعية وعدم التكيف هو الانانية التى اتصف بها البعض، والتى أدت بهم الى استغلال الظروف الجديدة لتحسين أوضاعهم على حساب رفاقهم وانتكسوا فراحوا يفخرون بفدراتهم البشرية وفشلوا فى التعرف على الله سبحانه. ان القران الكريم يذكر الانسان أن هناك عوامل أخرى أهملها أو أنكرها وهى أنه فى غدوه ورواحه معتمد على قوة أعلى منه، وأن هناك موتا وحياة أخرى فيها حساب، أو ان أردنا التعبير بطريقة مختلفة راح القران الكريم يذكرهم بوجود محيط زاخر بالمعانى والأهمية فيما وراء الزمان والمكان.
لقد صور القران الكريم علل العصر باعتبارها راجعة فى الأساس لأسباب دينية رغم تياراتها الكامنة ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، وبالتالى فان علاجها لا يمكن الا بوسائل- فى الأساس- دينية. واذا نظرنا الى نجاح جهود محمد صلّى الله عليه وسلم، فلا بد أن نحكم بأنه رجل جسور لأنه ناقش حكمة القران.
[(ب) أصالة القران الكريم]
يجب- فى رأيى- أن ننظر للمحتوى القرانى على أنه عامل خلاق طرأ على الموقف فى مكة (المترجم: الكاتب يتحدث عن أوائل ما نزل