للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فليس المقصود، اذن، بالمرحلة القرشية والمرحلة العربية وصم الاسلام بالمحدودية، وانما كان من الطبيعى ان تبدأ الدعوة لقريش ثم تمتد وفقا لتطور الأحداث. وأرانى غير منزعج كثيرا بقول وات ان الربا لم يحرم فى المرحلة المكية لأنه كان أمرا شائعا بين تجار مكة، وانه لم يحرم الا فى المرحلة المدنية بعد استقرار دولة الجماعة الاسلامية. فالتدرج فى الدعوة، ومراعاة الظروف والرفق، كل ذلك من الأساليب المعروفة فى الدعوة بشكل عام ودعوة الاسلام بشكل خاص. فالخمر محرمة فى الاسلام يقينا، لكن ذلك لا يمنع من أن ذلك تم بالتدريج كما هو ثابت فى ايات القران الكريم.

بقى سؤال اخر: أليس أمرا مزعجا أن يعاد ترتيب ايات القران الكريم وسوره؟ أليس ذلك تحريفا للكلم عن مواضعه؟

اللهم لا*، فهذا يقصد به فهم مجريات الأمور وربط الايات الكريمة بأسباب نزولها، ومحاولة فهم الايات فى ضوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ... وقد استقر المصحف الشريف بترتيب سوره وآياته، ونحن نقرأه متعبدين بهذه الطريقة التى حفظه الله بها.

[الحديث]

والمصدر الثانى الذى اعتمد عليه (وات) هو أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلم، ومن المعروف أن مجموعات الأحاديث التى ينظر لها المسلمون باعتبارها تضم أصح الأحاديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم هى المجموعات المعروفة بالصحاح:

البخارى ومسلم والترمذى والنسائى وابن ماجه وأبو داود. وقد اختار وات لنفسه مرجعا لكتابه هذا هو صحيح البخارى، ربما لتوافر ترجمة له، وربما لأنه كان متاحا له دون سواه. وهو اختيار موفق على أية حال.


* فى تقديرى، أن القران الكريم استقر على ترتيب معين، وكان الرسول صلّى الله عليه وسلم عندما تنزل اية أو ايات من القران الكريم يدل كتاب الوحى على السورة التى تنضاف اليها الاية أو الايات، ومن هنا فمن المتفق عليه أن ترتيب ايات السور توقيفى، أى من عند الله لا يجوز تجاوزه (السيوطى: الاتقان فى علوم القران ص ٩٠ وما بعدها- (المراجع) .

<<  <   >  >>