ويبدو أن عبد الله بن أبى حاول أن يتخذ موقفا حياديا فى معركة بعاث أو على الأقل لم يشارك فيها، وربما دل هذا على مرض عضال اعترى نفسه نتيجة الثارات والعداوات التى لا نهاية لها. وبالنسبة لهذه المشكلة الدينية- ان جاز لنا وصفها بهذا الوصف- كان لدى الاسلام الحل. انه عقيدة تشير لليوم الاخر وهو ما يعنى أن معنى الحياة يظهر فى نوعية سلوك الفرد. هذه الفكرة قابلة لأن تصبح أساسا يقوم عليه مجتمع كبير، لأنها ان تم قبولها فمعناها أنه لم يعد مكسب انسان مؤديا الى خسارة اخر.anothers Loss One mans gain no longer entails والذى لا شك فيه، أن الأنصار كان لديهم بعض التحقق من هذه المضامين عندما قبلوا بالدين الاسلامى، لكن غالبهم- كما نفترض- قد أصبحوا مسلمين لايمانهم بأن الاسلام هو الدين الحق.
أو بتعبير أوضح لايمانهم بأن الله سبحانه أرسل محمدا صلّى الله عليه وسلم برسالة الى العرب. (المترجم: الاسلام دين عالمى النزعة، كما كررنا مرارا، لكن السياق هنا يعنى أنه بعد انتهاء المرحلة القرشية «المكية» انتقل الاسلام الى مرحلة أخرى «المرحلة المدنية» ) .
[(ب) بيعتا العقبة، الأولى والثانية]
تسجل الروايات مزاعم متعلقة بفردين من الأوس قتلا قبل معركة بعاث وكانا على الاسلام، أى أنهما قتلا كمسلمين. وعلى أية حال، فان أول المسلمين المعروفين بشكل محدد (المقصود أول المسلمين من المدينة) كانوا ستة رجال من الخزرج قدموا الى محمد صلّى الله عليه وسلم، ربما فى سنة ٦٢٠ م، وفى موسم حج سنة ٦٢١ م عاد خمسة أو الستة جميعا وقد صحبوا معهم سبعة اخرين، منهم اثنان من الأوس. ويقال ان هؤلاء الاثنى عشر رجلا تعهدوا بترك المعاصى المختلفة وتعهدوا بطاعة النبى صلّى الله عليه وسلم. وعرفت بيعتهم هذه ببيعة النساء «١٥» . وأرسل محمد صلّى الله عليه وسلم معهم الى المدينة مصعب بن عمير المسلم الصادق، والمجيد لحفظ ايات القران الكريم.