شيئا يفهم منه رفض أى مبدأ من مبادىء الاسلام الأساسية، اذ لا يجوز أن تكون هناك هوة لا يمكن عبورها بين الثقافة الغربية والاسلام، فاذا كانت بعض النتائج التى توصل اليها علماء الغرب لا يتقبلها المسلمون، فربما كان السبب فى ذلك أن علماء الغرب لم يكونوا دائما مخلصين لمبادئهم العلمية وأن استنتاجاتهم تحتاج الى مراجعة، حتى من وجهة النظر التاريخية البحتة. ومن الناحية الاخرى، ربما كان صحيحا ذلك القول الذى مؤداه أن هناك مجالا لشىء من اعادة صياغة العقيدة الاسلامية، بدون أى تغيير فى الأساسيات.
شعر الدارسون للاسلام منذ فترة، وبخاصة المهتمون بالتاريخ، بالحاجة الى صياغة جديدة لحياة محمد (عليه الصلاة والسلام) ، ولم يكن ذلك لاكتشافهم مادة جديدة- بالرغم من ان ليون كيتانى Leone Caetani مثلا عندما كتب عن محمد (عليه الصلاة والسلام) فى كتابه) Annali dell ,Islam نشر عام ١٩٠٥) ، لم يكن قد اطلع على مجموعة ابن سعد لتراجم المسلمين الأوائل فى كتابه الطبقات الكبرى- وانما لتغيير اهتمامات واتجاهات المؤرخين خلال نصف القرن الماضى، فقد أصبحوا أكثر وعيا خاصة بالعوامل المادية التى يقوم عليها التاريخ، وهذا يعنى أن المؤرخ من منتصف القرن العشرين- مع عدم اهمال الجوانب الدينية والفكرية للحركة التى بدأها محمد (عليه الصلاة والسلام) أو التقليل من شأنها- يريد أن يسأل أسئلة كثيرة عن الخلفية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وحتى أولئك الذين ينكرون (وأنا منهم) أن هذه العوامل هى واحدها التى تحدد مجريات الأحداث يعترفون بأهميتها. لهذا، فان السمة الخاصة لهذه السيرة لمحمد (عليه الصلاة والسلام) هى أنها لا تنقب فى المصادر المتاحة بدقة أكثر فحسب، بل انها تعطى اهتماما أكثر لهذه العوامل المادية وتحاول الاجابة عن أسئلة لم تثر من قبل.
٢- ملاحظة عن المصادر
المصادر الرئيسية عن حياة محمد صلّى الله عليه وسلم هى أولا القران (الكريم) ، أو الكتاب الذى يضم الوحى الذى تلقاه من الله. وثانيا الأعمال التاريخية