يرجع الى حقيقه انه رغم ممارستهم للوتنيه فانهم لم يكونوا خالين تماما من الفضائل التى دعا اليها القران، لذا لم يكونوا ميالين للدفاع العلنى عن ممارساتهم. فأن تكون أنانيا ذلك شىء، وأن تدافع عن الانانية كمبدأ ذلك شىء اخر. ولسنا فى حاجة الى أن نفترض أن الوتنيين كانوا ذوى ضمائر سيئة فى هذا الموضوع، رغم أن قلة منهم من ذوى الضمائر، ربما شعروا بوخز الضمير. لقد كانوا فى حاجة فقط لأن يكونوا على وعى بحقيقة أن سلوكهم كان مناقضا لروح المفاهيم التقليدية للشرف عند العرب، رغم أنهم من الناحية الرسمية لم يكسروا أية أعراف مقبوله.
واذا كان هذا صحيحا، فانه يجعلنا نميل لاظهار القران الكريم وكانه لم يكن نظاما أخلاقيا جديدا تماما، وانما هو امتداد للأفكار الأخلاقية التقليدية العربية بعد اخراجها لظروف وأحوال جديدة خارج التجربة البدوية. (نقل الأخلاق العربية ذات الطبيعة البدوية ليوائمها مع الحياة المدنية) .
(ب) النقد الكلامى لنبوة محمد صلّى الله عليه وسلم
الى جانب النقد الموجه لفحوى رسالة الاسلام، كان هناك نقد وجهه أعداء للنبى الرسول- نقد لقول محمد صلّى الله عليه وسلم انه نبى يتلقى الوحى من الله، كما أنهم نقدوا عملية الوحى فى حد ذاتها. فالاعتقاد بأن الكلمات التى تلقاها محمد وحى من الله سبحانه كانت مسألة حاضرة فى عقل محمد وقلبه منذ البداية، مهما كانت الطبيعة الدقيقة للتجربة الأولى المتعلقة بالوحى، وكان الاعتقاد فى الوحى كامنا فى الدعوة الأولى للاسلام منذ البداية. وتسجل بعض الايات القرانية الأولى محاولات المعارضة لاقلاق محمد صلّى الله عليه وسلم، بافتراض تفسيرات أخرى للتجربة التى خاضها (الوحى) غير أن ما يأتيه من كلام ينزله الله سبحانه عليه.
لقد كان الزعم الذى أشاعه مناوئو محمد صلّى الله عليه وسلم تفسيرا لظاهرة الوحى هى أن محمدا مجنون، أو بتعبير اخر تملكه جن «٦١» لكنهم افترضوا