للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل ذلك بثلاث سنوات أو اربع، لكن فشل المقاطعه يمكن أن ينظر اليه كبدايه حركه تؤدى الى تحسين فرص ازدهار الدين الجديد. وعلى أية حال، فقد كان تحلى ابى لهب عن حماية محمد صلّى الله عليه وسلم قد أخمد كل هذه الامال فى مهدها. وحتى اذا استطاع المسلمون البقاء فى مكة- وهو أمر كان يمكنهم فعله بالتأكيد- فلم يكن هناك احتمال قوى أن يعتنق الاسلام أفراد جدد. وفى مثل هذه الظروف- اذا لم يكن الاسلام قد ذبل أو اضمحل- كان لا بد من توجيه نشاط جديد فى اتجاه اخر. فكل ما كان يمكن فعله فى مكة قد تم فعله؛ لذا كان الأمل الأساسى متمثلا فى احراز تقدم فى أماكن أخرى. لقد كان محمد صلّى الله عليه وسلم يعتبر نفسه نبيا أرسله الله سبحانه فى الأساس لقريش أو لقريش فقط، ولم تكن هناك اشارة قبل موت أبى طالب الى أنه فكر فى مد رسالته للعرب كافة (المترجم) *:

ليس المقصود هنا أن الاسلام نزل لقريش فقط، وانما المقصود أن تفكير الرسول صلّى الله عليه وسلم فى المرحلة الأولى من الدعوة كان موجها الى قريش الدين كان يعتبرهم عدته لنشر دعوته بعد ذلك، فكيف يكون الحديث مفصلا عن اسلام العرب والفرس والروم.. الخ، وهو ما زال يدعو أهل مكة، وقد أشار المؤلف فى كتابه هذا الى مراحل انتشار الاسلام، كما أشار فى كتاب اخر ترجم بعنوان الاسلام والمسيحية** الى أن الاسلام يضم كل القيم والأفكار الأساسية فى الأديان التى سبقته؛ لذلك فهو دين المستقبل) وعلى أية حال، فقد أدى تدهور أوضاع النبى صلّى الله عليه وسلم فى مكة الى بحثه عن افاق جديدة خارج مكة، فنحن نسمع خلال سنواته الثلاث الأخيرة فى مكة عن لقااته مع القبائل البدوية وأهل الطائف ويثرب.

٢- زيارة النبى للطائف

كانت الطائف- على نحو من الأنحاء- نسخة طبق الأصل من مكة، رغم وجود اختلافات مهمة. فقد كانت الطائف مركزا تجاريا ذا علاقات خاصة وثيقة باليمن. فقبيلة ثقيف كانت تقطن الطائف وارتبطت بتجارة


* أكثر الايات التى تكلمات عن عموم رسالة الاسلام نزلت فى سور مكية؛ مما يدل على أن عموم الرسائل كان مفهومها لدى الرسول من أول الأمر- (المراجع) .
** نشر فى هذه السلسلة، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

<<  <   >  >>