قرب حدوث الحساب أو العقاب فى المستقبل القريب، وانما اشارة الى حقيقة هذا العقاب وكونه أمرا مؤكدا سيحدث فى وقت من الأوقات فى مستقبل غير محدد، فلنقرأ الاية الخامسة من السورة ٥١ (الذاريات) والاية الثامنة من السورة ٥٢ (الطور) لندرك سياق الايتين اللتين استشهدنا بهما انفا:
(إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) ..) .
(ما لَهُ مِنْ دافِعٍ (٨) ..) .
ومن المؤكد أن السور المكية فيها الكثير عن عقاب الله سبحانه لأهل مكة بانزال المصائب المؤقتة (الدنيوية) عليهم، كالمصائب التى نزلت على من كانوا قبلهم ممن عصوا أنبياءهم، لكن لارتباط هذا العذاب برفض رسالة النبى صلّى الله عليه وسلم فربما كان مرتبطا بالوضع فى مكة بعد أن تطور عن فكرة العقاب فى بداية البعثة النبوية. حقا، ان الايات التى ناقشناها لتونا (٥١/ ٥، ٥٢/ ٧) بتأكيدها على حتمية الحساب وكونه لا مفر منه، تبدو مرتبطة بالمرحلة الثانية لمعارضة المشركين للنبى حين أعلنوا تشككهم فى الحساب بما فيه من ثواب وعقاب. وربما كان مما يستدعى الانتباه أنه يكاد يكون مفهوما أن الحساب الدنيوى (المؤقت) مقتصر على العقاب، أما الحساب الاخروى فيتبعه ثواب وعقاب كما فى سورة الانشقاق التى أوردناها انفا.
(ج) استجابة الانسان- شكر وعبادة
نظرا للطف الله سبحانه، فان على الانسان أن يكون شكورا ممتنا عابدا. والامتنان هو اعتراف داخلى باعتماد الانسان على خالقه الواحد القوى اللطيف. أما العبادة: فهو التعبير الظاهرى عن الاعتماد على الله والاعتراف بلطف الله وقوته (سلطانه) . وتشير الاية ١٧ وما بعدها من السورة رقم ٨٠ (عبس) الى الكفور (غير الممتن وغير الشاكر) .