الثراء، ولهذا فمن المحتمل أن المعارضة ضده كانت طبقا للسياسة العامة لزيادة الروابط مع البيزنطيين.
حدثت هذه الحادثة بعد حرب الفجار لأن عثمان بن الحويرث قد شارك فيها، وبذلك يكون بيننا وبين اعلان محمد (عليه الصلاة والسلام) لرسالته عشرون عاما أو أقل، وهى السنوات التى أكدت فيها الحروب الطاحنة التى نشبت بين الامبراطوريتين العظميين، أهمية وقوف أهل مكة على الحياد. ونظرا لقلة المعلومات المتاحة، فان الكثير مما يقال عن سياسات أهل مكة يخضع للحدس والتخمين. ولكن حتى لو كان الكثير من التفاصيل غير صحيح، فاننى أعتقد أن الصورة العامة معقولة، وعلى ذلك فان محمدا (عليه الصلاة والسلام) قد ترعرع فى عالم اختلطت فيه الأمور المالية فى المستويات الرفيعة مع السياسات الدولية اختلاطا لا سبيل الى فصله.
٣- الخلفية الاجتماعية والأخلاقية
[(أ) التضامن القبلى والفردية]
التماسك القبلى شىء ضرورى للبقاء على قيد الحياة فى ظروف المعيشة فى الصحراء. فالانسان يحتاج الى المساعدة فى مواجهة القوى الطبيعية وخصومه الادميين. ولا شك فى أن التجمعات القبلية وجدت قبل أن يصبح الانسان فى الصحراء ولم تنشأ فيها. ولكن من المؤكد أن أهمية التكامل تأكدت فى ظروف المعيشة الصحراوية. فكلما كانت الجماعة أكبر كانت أقوى، وبالتالى أكثر نجاحا فى التغلب على صعوبة المعيشة، ولكن هذا لا يستمر الا الى درجة معينة يصبح من الصعب بعدها على الجماعة أن تتصرف كواحدة واحدة وبالتالى تتجه الى الانقسام، وعلى هذا فان القبائل ليست كيانات دائمة، ولكنها اما تتزايد وتنقسم واما تضمحل وتنتهى.