ويبدو ذلك واضحا فى عشائر مكة، فان التسمية العربية الشائعة للقبائل أو العشائر أو العائلات هى «بنو فلان» أى أبناء فلان، وفى فترة من تاريخ مكة كان اسم «بنو عبد مناف» يتردد كثيرا، لكن بعد فترة من الزمن بطل استعما لهذا الاسم لأن هذه العشيرة نمت ثم انقسمت فأصبحنا نسمع أسماء «بنى عبد شمس» و «بنى هاشم» ... الخ، حيث كان عبد شمس وهاشم ابنى عبد مناف. كذلك كانت أكثر الحروب دموية فى شبه الجزيرة العربية أيضا بين عشائر تربط بينها صلات قرابة، ولا شك فى أن ذلك كان بسبب اضطرارهم للمشاركة فى مكان محدود للمعيشة.
كانت كل قبيلة رئيسية أو من قبائل الدرجة الأولى مستقلة عن باقى القبائل وليس لها أية أهمية سياسية تفوق القبائل الاخرى، ولذلك فمن المقصود، وغالبا ما كان ذلك يحدث بالفعل، أن تجد نفسها قد اشتبكت فى قتال مع أية قبيلة مجاورة، وفى مثل هذا الموقف الذى تكون فيه «يد الرجل ضد كل الرجال وأيدى كل الرجال ضده» ، يصبح أمن القبيلة- بل مجرد وجودها- متوقفا على قوتها العسكرية. فبالقوة واحدها يمكن حماية قطعان الماشية طالما أن شن الغارات هو «الرياضة القومية» للعرب.
يصور ثأر الدم مكانة التكافل القبلى، وهذا أسلوب بدائى- ولكن ربما كان الأسلوب الوحيد فى ظروف المعيشة الصحراوية، بعيدا عن المخترعات الحديثة، للتأكد من أن الجريمة لا ترتكب بسهولة وبدون احساس بالمسئولية فتعتبر قبيلة القاتل مسئولة عن فعلته، والعقوبة هى القصاص، «حياة بحياة» ، وبصرف النظر عن الاتجاه الانسانى لأن تكون العقوبة أكبر من الجريمة، فان هذه طريقة بسيطة للاحنفاظ بالقبائل فى نفس الدرجة من القوة النسبية.
تقوم القبيلة على أساس من القرابة، سواء من ناحية الرجال أو من ناحية النساء. وقبل بزوغ الاسلام، كانت المصاهرة، على ما يبدو، هى الأكثر انتشارا. وكان هناك أيضا ما يمكن أن يسمى «بالتكامل