وفيما يتعلق بهذه النقطة الأخيرة، فان أوائل ما نزل من القران الكريم لا يشير اليها الا قليلا غير أنه ربط بين بعض جوانب المروة- خاصة الكرم- وثواب الله سبحانه فى الآخرة. وهناك ما يمكن قوله عن مسألة القضاء والقدر فقد كان الوثنيون ينسبونها للزمن أو (الدهر) ، بينما نسبها الاسلام لله سبحانه. وقدرة الله سبحانه وكونه خيرا تتجلى فى انباته للنبات الذى هو رزق، والله سبحانه هو الذى خلق الانسان، وجعله ذكرا أو أنثى، والله هو الذى يميت ويحيى، وفى الآخرة فانه سبحانه هو الذى يهب الانسان سعادة أبدية أو يزج به فى عذاب دائم.
[(د) الجوانب الدينية]
الجوانب الدينية لقضايا مكة قبل الاسلام مرتبطة بقضايا حياتهم، بمعنى أنه من خلالها يجدون معنى للحياة وأهمية لها. لقد وجد الدين البدوى القديم معنى للحياة فى الشرف، وبدرجة أقل فى فكرة استمرار القبيلة، فالقبيلة هى تجسد للشرف- وكانت الفكرة عن القبيلة هى الأكثر قابلية للتطبيق. وهذا الاتجاه الدينى القديم كان قد تحطم فى مكة بسبب تطور الاتجاه الفردى وازدياده وبسبب ضعف الرأى العام وقلة أهميته كأساس لاحراز الشرف، وبسبب عدم كفاية فكرة المروة التى كانت أساسا للشرف. وفى مكة، لم يكن هناك مثل أعلى جديد، فقد حلت فكرة التفوق بالاستحواذ على الثروة بدلا من الشرف، ونتج عن هذا مجموعة قيم أخرى مرتبطة بها. وكانت هذه الأفكار تمثل مثلا (بضم الميم والثاء) ودينا ربما لم يكن يرضى الا قلة من الناس وعلى امتداد جيل أو جيلين، فلم يكن ذلك يرضى مجتمعا كبيرا على المدى الطويل. فالناس سرعان ما يدركون أن هناك أشياء لا يمكن شراؤها بالمال. وفى أفضل الأحوال فانهم يستطيعون- فقط- أن يجدوا معنى وأهمية فى كونهم أثرياء، ان هم غضوا الطرف عن حقائق أخرى غير سارة كالمرض والموت خاصة الموت المبكر. ففى أى مجتمع مهما كان حجمه توجد أمور غير سارة تتج؟؟؟ ع لتقتحم عنوة حياته، خاصة حياة الأثرياء منهم، هذا اذا نحينا الفقراء الذين يجدون صعوبة فى نسيان أنهم أقل حظا من الناحية المالية. ان