للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغالبا ما يركز أعداء الاسلام على أن محمدا صلّى الله عليه وسلم كان مصابا بالصرع، epilepsy وبالتالى فان رسالته الدينية غير صحيحة. والحقيقة، أن الأعراض المصاحبة للوحى عند محمد صلّى الله عليه وسلم ليست هى أعراض الصرع، فالصرع يؤدى الى انهيار القوة البدنية والعقلية، بينما كان محمد صلّى الله عليه وسلم فى كامل قواه العقلية والبدنية، وفى كامل ملكاته. لكن بفرض أن هذا الزعم صحيح، فان البراهين عليه زائفة تماما وقائمة على مجرد الجهل والتخبط، فمثل هذه الظواهر المصاحبة للوحى لا تصلح برهانا نعتمد عليه فى رفض الوحى أو قبوله.

وسيكون أمرا شائقا أن نعرف ما اذا كان محمد صلّى الله عليه وسلم لديه أية طريقة لحث الوحى على النزول عليه «٥٠» . اننا لسنا متأكدين مما اذا كان وضع نفسه فى دثار* يحقق هذا الغرض والأكثر معقولية أن الوحى ينزل على غير توقع. وأخيرا- على أية حال- فمن الممكن أن يكون محمد صلّى الله عليه وسلم قد طور بعض التقنيات (الأساليب) للاستماع الى الوحى**، ربما من خلال قراءته القران الكريم قراءة هادئة بالليل. خاصة عندما كان يشك فى اكتمال الوحى. وقد تكون هذه طريقة لاكتشاف الايات الضائعة. ولا بد أن التفاصيل المتعلقة بهذا الأمر ستظل محل تخمين، ويبدو مؤكدا أن محمدا صلّى الله عليه وسلم كان لديه أسلوب أو اخر لتصحيح (أو تنقيح) النص القرانى باكتشاف الصيغة الصحيحة لما أوحى اليه ناقصا أو غير صحيح. ومرة أخرى، فان كان هذا صحيحا، فان محمدا صلّى الله عليه وسلم كان فى بعض الأحيان يستحث الوحى على النزول..

٦- التتابع الزمنى لوقائع الحقبة المكية

لا أحد التفت الى التواريخ الدقيقة التى تجرى فيها الأحداث التى بدت وقتها بسيطة ولحظية، لكن فى وقت لاحق عندما أصبح الناس


(٥٠)
Ahrens Muhammad, ٣٧, J.C.Archer, Mystical Elements in Mohammad, New Haven, ١٩٢٤, pp.٧٢, ٧٦, c.
* طبعا لا، وانما باللجوء الى الله والابتهال اليه، كما حدث بالنسبة للايات التى نزلت مبرئة السيدة عائشة (فى حديث الافك) - (المترجم) .
** لا يعدو معنى العبارة الا أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد يلجأ للدعاء والتوسل الى الله طلبا لنزول الوحى لحل مشكلة واجهته أو اجابة سؤال استعصى عليه- (المترجم) .

<<  <   >  >>