للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدفاع عن ابن العشيرة ضد عدوان عشائر أخرى ينقص من شرف هذه العشيرة وقدرها. لذلك كان الاضطهاد قصرا على:

(أ) حالات لا تتأثر فيها العلاقات العشائرية، كأن يكون المضطهد (بكسر الهاء) من العشيرة نفسها أو ألا يكون الضحية مشمولا بحماية أية عشيرة من العشائر.

(ب) أعمال لا تدخل ضمن ما تعورف عليه من أنه يمس الشرف القبلى أو العشائرى، كالضغوط الاقتصادية وربما أيضا الايذاء بالقول والاهانات الصغيرة التى تؤثر فى الشخص فقط لا فى عشيرته كلها.

هذا الاضطهاد المحدود ربما كان كافيا للنقر على أصابع الاسلام الوليد؛ لكنه لم يكن كافيا لتراجع أى مسلم جاد عن دينه. بل ربما قوى الاسلام بأن جعل الفقراء يتحولون اليه.

[(ب) الضغط على بنى هاشم]

لقد كان نظام الأمن الذى شرحناه انفا هو ما جعل محمدا صلّى الله عليه وسلم قادرا على الاستمرار فى دعوته للاسلام حتى سنة ٦٢٢ م رغم معارضة زعماء مكة. لقد كان زعيم هاشم فى هذا الوقت هو عم النبى، أبو طالب الذى كان مستعدا- رغم عدم اعتناقه للاسلام- أن يقدم الحماية الكاملة لمحمد صلّى الله عليه وسلم بوصفه عضوا فى العشيرة. وقد لجأ زعماء قريش وعلى رأسهم أبو جهل أكثر من مرة لأبى طالب طالبين منه اما أن يوقف محمدا صلّى الله عليه وسلم عن اعلان دينه الجديد أو أن يسحب حمايته له. وعلى أية حال، فان أبا طالب رفض كلا العرضين ودبر أموره داخل عشيرته للموافقة على موقفه هذا «٤٣» (رغم أن عشيرة المطلب كانت من الناحية الرسمية عشيرة مستقلة، الا أنها انضمت لهاشم لأغراض مختلفة وصارتا معا كعشيرة واحدة) .


(٤٣) ابن هشام، ١٦٨- ١٧٠، الطبرى، ١١٧٨- ١١٨٠.

<<  <   >  >>