للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرفع شأن العشيرة وزيادة شرفها قد يكون فى حد ذاته سببا كافيا لأبى طالب لفعل ما فعله، لكن ربما كانت هناك أمور أكثر من ذلك. لقد سبق أن لاحظنا مما ذكرناه انفا أنه يبدو أن عشيرة هشام كانت أوضاعها قد تدهورت خلال الحقب السابقة، فأن تفقد واحدا من خيرة شبابها (يقصد محمدا صلّى الله عليه وسلم) فى هذه المرحلة يعد خسارة كبيرة لها تفقدها جانبا من قوتها. وأكثر من هذا، فبالاضافة لقضية محمد وشرف العشيرة ربما كانت هناك مسألة السياسة الاقتصادية، فدعوة محمد الى الاسلام رغم أنها دعوة- فى الأساس- دينية الا أنها مست أمورا اقتصادية مسا وثيقا، ومن هذه الناحية ربما كان يمكن اعتبارها استمرارا لاتجاه حلف الفضول فى معارضته للاحتكاريين المجردين من المبادىء الخلقية. واذا كان الأمر كذلك، فانه يمكن اعتبار محمد صلّى الله عليه وسلم استمرارا للسياسة التقليدية لعشيرة هاشم؛ وبالتالى فليس هناك ما يدعو للدهشة اذا تلقى هو أيضا قدرا معينا من الدعم العام لعشيرته. والجدير بالملاحظة أن أبا طالب قد بسط حمايته أيضا على مسلم اخر هو أبو سلمة بن عبد الأسد ابن أخته الذى ينتمى لعشيرة مخزوم «٤٤» ، وقد أيده أبو لهب فى ذلك.

وحالة أبى لهب حالة شائقة دراستها، طالما أنه استسلم للضغوط الواقعة على عشيرة هشام. لقد كان أبو لهب هو الأخ الأصغر لأبى طالب لكنه كان يدبر لزواجه من أخت أبى سفيان أحد زعماء عبد شمس، وبعد السنة الثانية للهجرة أصبح هو الزعيم الأساسى لمكة كلها.

وعندما اشتدت المعارضة لمحمد (صلّى الله عليه وسلم) أخذ جانب عشيرة زوجته ضد ابن أخيه (يقصد محمدا صلّى الله عليه وسلم) ، ومما لا شك فيه أنه فى حوالى هذا الوقت تم الانفصال بين ابنتى محمد صلّى الله عليه وسلم وابنيه. وقد يجوز لنا أن نفترض أن اتجاه أبى لهب هذا كان متأثرا بعلاقاته التجارية والمصلحية مع عبد شمس.

أما وقد فشل أعداء محمد صلّى الله عليه وسلم فى عزله عن عشيرته، فقد دبروا أمر تحالف كل عشائر قريش ضد بنى هاشم (ومعها بنو المطلب) .

من ناحية تعد هذه الخطوة مرحلة من مراحل المعركة ضد محمد صلّى الله عليه وسلم،


(٤٤) ابن هشام، ١٤٤.

<<  <   >  >>