يقول تعالى ذكره: فينسخ الله ما يلقى الشيطان، ثم يحكم الله آياته، كى يجعل ما يلقى الشيطان فى أمنية نبيه من الباطل، كقول النبى صلّى الله عليه وسلم:«تلك الغرانيق العلى، وان شفاعتهن لترتجى» . (فتنة) يقول: اختبارا يختبر به الذين فى قلوبهم مرض من النفاق، وذلك الشك فى صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحقيقه ما يخبرهم به.
وبنحو الذى قلنا فى ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: أن النبى صلّى الله عليه وسلم كان يتمنى ألايعيب الله الهة المشركين، فألقى الشيطان فى امنيته، فقال:«ان الالهة التى تدعى أن شفاعتها لترتجى وانها للغرانيق العلى» . فنسخ الله ذلك، وأحكم الله آياته:(أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) حتى بلغ: (من سلطان) قال قتادة: لما ألقى الشيطان ما ألقى، قال المشركون: قد ذكر الله الهتهم بخير! ففرحوا بذلك، فذكر قوله:(ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين فى قلوبهم مرض) .
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، بنحوه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، فى قوله:(ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين فى قلوبهم مرض) يقول: وللذين قست قلوبهم عن الايمان بالله، فلا تلين ولا ترعوى، وهم المشركون بالله.