للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣٩) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠) ..) السورة رقم ٧٥ (القيامة) .

ليست هناك حاجة للقول ان المعارضين المتسمين بالعناد لمحمد صلّى الله عليه وسلم والدين الذى يدعو اليه، لم يكونوا مقتنعين بهذه الايات، بل لقد زادتهم كفرا على كفرهم «٥٦» ، لقد كانوا أحيانا يرفضون هذه الايات على أساس أنها من أساطير الأولين «٥٧» ، وهى عبارة وردت عدة مرات فى القران «٥٨» وارتبطت بانتقاد هذه العلامات (الايات) وما وراءها من معان.

لقد كانت كل الانتقادات التى وجهوها للمحتوى القرانى ذات صلة بالاخرويات (الأفكار عن العالم الاخر) وهذا التركيز على الاخرويات فى المناقشات بين محمد (صلّى الله عليه وسلم) والمناوئين له يظهر أنها كانت تميل الى تأكيد وجهة النظر الواردة فى الفصل الثالث، وهى أن بعض التعاليم عن اليوم الاخر كانت جزا من الهدف الأساسى لرسالة القران الكريم. وقد وصف القران الكريم موقفهم كله وصفا وصل ذروته فى كلمة (تكذيب) وهى كلمة مقابلة للايمان. فالمكذب هو المنكر للبعث واليوم الاخر والحياة بعد الموت وايات الله، والتحذيرات التى وردت فى رسالة محمد صلّى الله عليه وسلم. وأحيانا يورد القران كلمتى (تكذيب) و (مكذبون) دون تحديد للمجال الذى جرى بشأنه التكذيب، وكلمة (المكاذبين) تأتى مرادفا (لأعداء محمد صلّى الله عليه وسلم) أو مناوئيه.

والمحور الرئيسى الاخر للمناقشات الدائرة فيما يتعلق بمحتوى الوحى هو مسألة الأوثان، وتوحيد الله سبحانه. وفى هذا المجال نجد القران الكريم هو الذى يتخذ المبادرة فى الهجوم على المنكرين، بينما نجد مشركى مكة فى موقف دفاع. لقد تعرضنا لهذه النقطة فى القسم الأول


(٥٦) السورة ٩٠/ ١٩، ٧٨/ ٢٨-.. الخ.
(٥٧) السورة ٤٥/ ٢٤.
(٥٨) السورة ٨٣/ ١٣.

<<  <   >  >>