سبحانه، ولم يأت الاسلام ليهدم كل أفكار الدينين السابقين وانما ليصحح ما شابهما من فساد فى الأفكار لكثرة تداول النصوص بين اللغات المختلفة، ونسبة بعض الأحبار والرهبان ما يكتبونه الى الله سبحانه..) .
والمسلم السنى اذا تقبل هذه الملاحظة- أى وجود تطور بالزيادة فى المعلومات الواردة فى النص القرانى- فربما يذهب مذهب أن الله سبحانه قد صاغ كلمات القران (الكريم) لتكون لمحمد (صلّى الله عليه وسلم) وأتباعه، وربما بناء على هذا يذهب الى أن هذه القصص كانت معروفة بالفعل للبشر، وأن الله سبحانه يركز على ما بها من عظات وعبر، لكن هذا يتعارض مع الاية الكريمة:
(-) «وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ (٣١) » / العنكبوت. واية سورة هود مسبوقة باية كريمة تشير الى ابراهيم: «يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦) » هود. وفى سورة الحجر: «وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) » . فاذا كان هناك مثل أو مثلان من هذا النوع لأمكن استيعابهما، لكن الحقيقة أن هناك أمثلة كثيرة؛ مما جعل الباحثين الغربيين يجدون صعوبة فى انكار أن معلومات محمد (صلّى الله عليه وسلم) عن هذه القصص كانت فى حالة تطور أو نمو، وعلى هذا خلصوا الى أنه استقى معلوماته من شخص أو أشخاص يعرفهم. (المترجمان: ليس فى مجموعة الايات التى استشهد بها المؤلف ولا فى غيرها ما يفيد تطور معلومات النبى صلّى الله عليه وسلم مادام هناك ايمان يقينى بأنه يتلقى الوحى من الله سبحانه، والقصص القرانى ليس مقصودا فى حد ذاته وانما لما فيه من عظة وعبرة، ومن هنا يرد المضمون بما يتمشى مع الحقيقة التاريخية وجوهر العظة أو العبرة فى الوقت نفسه، ومرة أخرى، فان التشابه بين بعض ما ورد فى العهد القديم (التوراة) وما ورد فى العهد الجديد (الانجيل) لا يعنى أن المسيح عليه السلام نقله من العهد القديم، والقول نفسه ينطبق على القران الكريم. فالتشابه ناتج عن أن المصدر واحد هو الله سبحانه، ثم ان الاسلام أتى ليصحح بعض ما ورد فى الدينين السابقين باعتباره خاتم الأديان، فالقران الكريم لم ينكر كل ما ورد فى الأديان السابقة وانما بعضه، فاتحا ذراعيه لاستقبال كل الداخلين فى رحاب الله) .