هناك نوع من الاستمرار يجمعها) . وعلى هذا، فليس هناك غرابة أن نجد بين الروايات التى وصلت عن طريقه بعض المرويات التى تجعل أمية واخرين مسئولين عن معاداة محمد (صلّى الله عليه وسلم) وأبى بكر الصديق، فعلى سبيل المثال نجده فى احدى الروايات المنسوبة اليه يذكر أن محمدا (صلّى الله عليه وسلم) شكا من معاملة ابن عبد مناة، وقوائم المعارضين، وغلظة أبى جهل وبروزه للقتال.
وعلى أية حال، فان الأمر ليس بهذه البساطة، فالمجموعة القديمة كانت فى طريقها للتفكك، وقد بذل عبد الملك غاية جهده لاستقطاب رجل مثل عروة، ومن هنا فنحن نعلم من ابن سعد أنه كان من بين زوجات عروة حفيدة أبى البخترى (؟!) من عشيرة أسد وهى عشيرة عروة وحفيدة الخليفة عمر (من عدى) وامرأة من بنى أمية وأخرى من مخزوم. ولسوء الحظ، فان المراجع لم تخبرنا عن تواريخ هذه الزيجات، فاذا كان زواجه من هذه الأموية قبل الحرب الأهلية فان ذلك يفسر كيفية وصوله الى عبد الملك (باتخاذه هذه الزيجة مدخلا لذلك) . وفى المواد التى بين أيدينا أيضا نلاحظ نصا فى مدح عتبة بن ربيعة من عبد شمس، لكن هذا يتعارض مع حقيقة أن عتبة وان كان من عبد شمس الا أنه ليس من أمية بن عبد شمس.
يبدو أن هذه الحقائق تشير الى أنه بينما لم يسارع عروة فى مناوأة الأمويين- وهذا أمر مؤكد- فهو كان متعاطفا لفترة طويلة مع معارضيهم، رغم أن ذلك قد تغير شيئا ما بعد عام ٧٢ هـ.
وأكثر من هذا، فان تراث أسرته (ما مر بها من أحداث) قد أثر فى نظرته للأحداث، ولا بد أنه قد جعله معاديا للأمويين. وعلى هذا، فهناك بعض الصحة فى الظن فى أن خطابه لعبد الملك رغم أنه منسوب له بالفعل، الا أنه ليس معبرا تعبيرا صادقا عما فى نفسه. ويؤكد هذا الشك أن بعض رواة هذا الخطاب كانوا يتحركون فى نطاق عقيدة القدر التى كانت ضد الأمويين:
أبان بن يزيد اعتنق عقيدة القدر (بالمفهوم المعتزلى) وكذلك فعل عبد الوارث بن سعيد أبو عبد الصمد.