ويظهر أن أبناء عبد مناف الأربعة الأساسيين قد فعلوا الكثير لتطوير تجارة مكة. فعبد شمس ذهب الى اليمن، ونوفل ذهب الى بلاد فارس، والمطلب ذهب الى الحبشة، وهاشم ذهب الى الشام.
وربما كان هذا أساسا جيدا لثرائهم، رغم أن اخرين بطبيعة الحال كان لهم أيضا أدوارهم فى هذه التجارة. وقصة أن عبد شمس قد تخلى لهاشم عن حقوق تقديم الطعام والماء للحجاج لأن هاشما كان أقل انشغالا بالرحلات التجارية، ربما كان لها أساس من الحقيقة. فربما تحقق عبد شمس أن تجارة المسافات الطويلة تنطوى على مكاسب أكثرهما تنطوى عليه التعاملات الصغيرة مع الحجاج. وأيا ما كانت الأهمية النسبية لأى منهما (التجارة مع البلدان البعيدة، والتعاملات التجارية مع الحجاج) ، فقد أضعف موت هاشم المبكر نسبيا فى غزة- سلالته والمرتبطين بها- عشيرة المطلب. وبعد موت هاشم أصبح المطلب- أخو هاشم- على رأس المجموعة كلها (عشيرتى هاشم والمطلب) لكن يبدو أنه لم يلعب دورا بارزا فى أمور مكة حتى أحضر- أى المطلب- ابن أخيه هشام وهو عبد المطلب من المدينة التى كان قد توقف فيها مع أمه.
وبعبد المطلب يبدو أن وضع العشيرة قد ازدهر مرة أخرى، فحفره لبئر زمزم الى جوار الكعبة أظهره رجلا ذا همة ومبادأة. ورغم أن زمزم أصبحت بعد ذلك هى البئر المركزية لمكة وأسهمت فى زيادة أهمية الحرم، فلا يبدو أن عمل عبد المطلب قد أظهر أنه كان زعيم مكة، رغم أنه ارتبط بحق تقديم الماء للحجاج (السقاية) ذلك الحق الذى كان قد ورثه عن أبيه من خلال عمه.
وأفضل برهان يمكن تقديمه لمعرفة مكانته فى مجتمع مكة هو ما روى عن تزويجه لبناته. فصفية (أمها من عشيرة زهرة) تزوجت الابن الأول لحرب بن أمية (زعيم عبد شمس) وبعد ذلك عوام بن خويلد (من أسد) .
وبالنسبة لبناته الاخريات، فان عاتكة (أمها من مخزوم) تزوجت أبا أمية ابن المغيرة (من مخزوم) وابنته أميمة تزوجت من جحش حليف حرب بن أمية، وأما أروى فتزوجت أولا عمير بن وهب ثم تزوجت رجلا من عشيرة