للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأية حال*، ويعتبر أمرا غير عادى بالدرجة التى تجعله يستحق التعليق، بل انه من الأمور التى يمكن اعتبارها معجزة، ومع ذلك فلم ترد كلمة تعليق واحدة فيما كتبه هشام أو ابن سعد أو الطبرى.

من وجهة نظر المجتمع المكى، كان محمد (عليه الصلاة والسلام) قد وضع قدمه على أول درجة على الأقل من درجات النجاح الدنيوى.

وربما لم تكن خديجة (رضى الله عنها) من الثروة كما يقال عنها أحيانا، ولكننا نستطيع أن نفترض أن محمدا (عليه الصلاة والسلام) قد أصبح لديه رأس مال يكفيه للحصول على نصيب متوسط من الأعمال التجارية «٩» .

ولا يعنى عدم وجود أخبار عن أنه سافر الى الشام مرة ثانية أنه لم يذهب، مع الوضع فى الاعتبار أنه من الممكن دائما أن يكلف اخرين بالاشراف على تجارته، كذلك يجب أن نتذكر دائما احتمال أن يكون التجار قد استبعدوه من مجالسهم، ومن معظم العمليات المربحة. ومع ذلك، فمن المحتمل أنه لم يستبعد تماما؛ لأنه كان قادرا على أن يزوج ابنته زينب لأحد أفراد عشيرة عبد شمس، هو ابن أخت خديجة (رضى الله عنها) ، والتى لا شك فى أنه كان لها دور بارز فى هذه الزيجة، كما أن خطبة ابنتيه الاخريين لابنى أبى لهب، الذى ربما كان ينظر اليه على أنه الزعيم التالى لبنى هاشم، تدل على أن محمدا (عليه الصلاة والسلام) كان ينظر اليه أيضا على أنه أكثر شباب بنى هاشم رجاء.


* من المعروف طبيا أن المرأة التى عاشت حياة زوجية سليمة وتكررت ولادتها يمكنها أن تستمر فى الانجاب الى سن متأخرة. ولكن من المعروف طبيا أيضا أن المرأة المرضع لا تحمل عادة، وعلى هذا فان الفترة بين الحملين لمن تقل عن عامين حتى يتم فصال الطقل. فالقول بأن السيدة خديجة كانت تلد كل عام قول مشكوك فيه طبيا، والأقرب الى التصديق أن يكون كل عامين، فتكون الفترة التى أنجبت فيها الأبناء السبعة ١٤ عاما (السنة ١٢) فلو كانت تزوجت وهى فى الأربعين كما يقول حكيم ابن حزام لكان عمرها فى الحمل الأخير ٥٤ عاما على الأقل وهو أمر مستبعد الى درجة كبيرة كما يقول المؤلف، وبذلك يكون قول عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أن عمرها كان ٢٨ عاما أقرب الى التصديق. والله أعلم- (المترجم) . ثم انها لو كان عمرها عند الزواج أربعين لما كان ينتظر أن تخطب لنفسها شابا عمره ٢٥ سنة لأنه فى هذه الحال فى عمر أولادها، فما كان شرفها يسمح لها بذلك- (المراجع) .
(٩) الأزرقى، ٢٠٤٧١- (المترجم) .

<<  <   >  >>