للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"باب: ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسمر بعدها" والسمر هو السهر، والتحدث بالليل، وترك النوم، ولا شك أن هذا مكروه، منصوص عليه في حديث الباب "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها" وإذا نظرنا إلى حال الناس اليوم وجدنا العكس تماماً، نجد من ينام المغرب، نجد من ينام العصر وتفوته صلاة المغرب، نجد من ينام المغرب وتفوته صلاة العشاء، كل هذا من أجل الاستعداد للسهر مع الأصحاب والأقران، ما يتصبر حتى يصلي العشاء ثم ينام، يخشى أن يفوته شيء من مجلس أصحابه وأقرانه، وليت هذه المجالس تعمر بذكر الله وما ينفع، لكنها مبنية على القيل والقال غالباً، والناس لا سيما في الإجازات يقلبون السنة الإلهية بدلاً من أن يكون الليل سكن يكون فيه السهر إلى طلوع الفجر، ومنهم من يسهر إلى قبيل طلوع الفجر ثم ينام عن صلاة الصبح، وأما بالنسبة لقيام الليل، وقراءة القرآن، وإحياء الليل بما ينفع فهذا لا يوجد إلا ما ندر، ومن يعمر ليله بالقيل والقال في الكلام المباح فضلاً عن المكروه والمحرم تجده لا يعان على قيام الليل، يسهر إلى قبيل الصبح فإن كان من الحريصين على إبراء الذمة نعم يجعل من يوقظه لصلاة الصبح وإلا يعذر نفسه بالنوم؛ لأن القلم رفع عن النائم، ثم لا ينتبه إلا بعدما ينتشر النهار، هذا حال كثير من الناس في هذه الأيام، بعض الأخيار يسهر ويقول: البخاري ترجم على السهر: باب السمر في العلم ونحوه، ونحن تمر في مجالسنا بعض المسائل العلمية، لكنها وإن مرت إلا أنها غير مقصودة، يعني هذه المجالس ما قصدت من أجل إحياء الليل بالعلم، لا، إنما قصدت للقيل والقال، قد يمر بمسألة ليست مقصودة، لكن مثل هذا لا يدخل فيما ترجم عليه البخاري -رحمه الله-، وإنما يدخل في السمر المذموم المكروه، لكن إذا سهر الإنسان وحفظ لسانه عن فضول الكلام مع أنه إذا حفظ لسانه عن فضول الكلام ماذا يستفيد من السهر؟ حفظ اللسان من فضول الكلام يدعوه إلى النوم، ويعينه على القيام، لكن الإشكال إذا لم يستطع حفظ هذا اللسان عن فضول الكلام والاسترسال في الفضول هو الذي يميت القلب، ويمرض القلب، فضول الكلام، فضول الأكل، فضول الخلطة، فضول النوم،