فضول البصر، فضول السمع، هذه المنافذ إلى القلب لا شك أنها هي أسباب مرضه ثم موته، فإذا قال: أنا أسهر لكن لا أرتكب محرم، نقول: تسهر لأي شيء؟ قال: نسمر مع الإخوان، ونتجاذب أطراف الحديث المباح، نقول: العادة جرت بأن من يسترسل في الكلام المباح لا بد أن ينجر إلى الكلام المكروه، الذي تركه أولى، ثم بعد ذلك ينفذ هذا الكلام المكروه، ولا بد من الكلام، لا يمكن أن يجلسوا بدون كلام، ثم يضطرون إلى أن يقربوا من الحرام كالراعي يرعى حول الحمى.
وهذا موجود في جميع استعمال المباحات من الكلام والنظر والاستماع والأكل والشرب واللبس والسكن وغيرها، كلها تجر، ولذا يعرف عن سلف هذه الأمة وأئمتها الإعراض عن تسعة أعشار الحلال خشية أن يجرهم إلى الحرام.