ومنهم من يرى أن صدوق لا تقتضي التعديل بالنسبة للضبط وإن اقتضته بالنسبة للعدالة، وعلى هذا فحديثه ضعيف، وهو الذي رجه ابن الصلاح؛ لأنها لا تشعر بشريطة الضبط، وعليه عمل أبي حاتم الرازي، سألت أبي عن فلان، فقال: صدوق، فقلت: أتحتج به؟ قال: لا؛ لأن صدوق لا تشعر بشريطة الضبط، والطرف الآخر يقولون: لا، ما استحق أن يوصف بصيغة المبالغة إلا أنه ملازم للصدق، ومعنى هذا أنه لا يقع الكذب في كلامه لا عن عمد ولا عن غير عمد، وإذا انتفى الكذب في كلامه لا عن عمد وهو الكذب الذي يأثم به، ولا عن غير قصد وهو الخطأ الذي لا يأثم به فعنده ضبط على هذا.
صدوق صيغة مبالغة، نضرب مثال: شخص في مناسبة طرق عليه الباب فأرسل الولد فقال: من؟ جاء إليه الولد قال: فلان، ذهب وإذا به بالفعل فلان، ثم طرق ثانية فقال: فلان، ثالثة عاشرة، وكلها كلامه مطابق للواقع، هذا صدوق وإلا كذوب؟ الولد؟ صدوق؛ لأنه لازم الصدق في جميع أخباره التي قد تزيد على مائة في يوم واحد، فهو يستحق الصيغة صدوق، لكن إذا سأله أبوه بعد يوم واحد فقال: من جاءنا بالأمس؟ فعد واحد اثنين ثلاثة خمسة ووقف عن مائة، هذا ضابط وإلا غير ضابط؟ هل فيه تلازم بين صدوق مع الضبط؟ ما في تلازم؛ لأن الضبط وصف يختلف عن الصدق الذي هو مطابقة الواقع بالكلام، لكن إذا عرفنا أن العرب لا سيما قريش وهو مذهب أهل السنة أن الكذب يشمل المقصود المتعمد وغير المتعمد، فإخباره من الغد عن من حضر وخطأه فيمن بقي، هذا يسمى كذب وإن كان غير متعمد، فمن هذه الحيثية رأوا أن الصدوق بهذا الوصف صيغة المبالغة لا يستحقها إلا من عنده شيء من الضبط؛ لأن من لا ضبط عنده لا بد أن يقع الخطأ في كلامه، وإذا وقع الخطأ في كلامه صح أنه غير صادق؛ لأنه لا يشترط في الكذب التعمد.
"عن عمته أم فروة" يقول ابن حجر: أم فروة صحابية، يقال: هي بنت أبي قحافة، أخت لأبي بكر من أبيه، "وكانت ممن بايعت النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أفضل؟ قال:((الصلاة لأول وقتها)) الصلاة لأول وقتها لكن الحديث ضعيف، الحديث ضعيف على ما تقدم، ولأول وقتها اللام بمعنى (في) يعني في أول وقتها، ولكن الحديث ضعيف.