"عن أبي ذر قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-" اسمه: جندب بن جنادة الغفاري "قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يا أبا ذر أمراء يكونون بعدي يميتون الصلاة)) يميتون الصلاة أي يؤخرونها عن وقتها المختار كذا قال النووي، يعني لا أنهم يخرجونها عن وقتها بالكلية، وقال ابن حجر: صح عن الحجاج أنه كان يؤخرها حتى يخرج وقتها، والحجاج معروف وضعه أنه مسرف، مسرف على نفسه في أبواب كثيرة من أبواب الدين، لا سيما الظلم وسفك الدماء، وتأخير الصلوات وغيرها، وإذلال بعض الصحابة كأنس، المقصود أن أمره إلى الله -جل وعلا-، ووجد من أهل العلم من يحكم بكفره، ومنهم من يقول: أمره إلى الله، وكيف يفعل بلا إله إلا الله، المقصود أن مثل هذا أمره إلى الله، والحافظ ابن كثير ذكر كثير من أخباره في ترجمته، وذكرنا منها ما ذكره الحافظ ابن كثير حول قراءة ابن مسعود، وأنه يود لو أنه حكها من المصحف بضلع خنزير، يعني مع اهتمامه وشدة عنايته بالقرآن، والله المستعان، فالإنسان عليه أن يحتاط لنفسه، ولا يتساهل في أمر دينه ولا يتنازل بل عليه أن يأخذ هذا الدين بقوة وحزم وعزم، ولا يتراخى؛ لأنه إذا تراخى وارتكب شيئاً من المحظورات، أو ترك شيئاً من الواجبات، ابتلي وعوقب بما هو أشد منها، ثم بعد ذلك يعاقب بما هو أشد وهكذا، إلى أن يجد نفسه قد خرج من الدين بالكلية.
وذكرنا مراراً أنه لا يتصور من عاقل فضلاً عن مسلم أن يقول: سبحان ربي الأسفل، لكن ما قالها أول كلمة قالها هذه؟ والمعاصي سبب من أسباب الاسترسال في الجرائم والمنكرات إلى أن ينسلخ المرء من دينه بالكلية