{ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ} [(٦١) سورة البقرة] يعني بسبب عصيانهم {وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} [(٦١) سورة البقرة] المقصود أن الإنسان عليه أن يأخذ في دينه بالحزم والعزم، ولا يتراخى ولا يتساهل، ولا يأخذ بالرخص، ولا يتتبع الأقوال الشاذة كما هو حاصل الآن؛ لأنه ما من مسألة إلا وفيها الأقوال التي هي عبارة عن طرفين ووسط، فيها التشديد، وفيها التسهيل الزائد، وفيها القول المتوسط التي تعضده النصوص، فإن أخذ على نفسه بالتشديد في كل شيء، يخشى عليه أن يكون ... ، أن يأخذ برأي الخوارج، وأن يكون متشدداً متطرفاً، وإذا تساهل وتسامح وأخذ بالطرف الآخر يخشى أن يكون مرجئاً ينسلخ من دينه وهو لا يشعر، فعليه بالجادة التي هي الوسط، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [(١٤٣) سورة البقرة].
((يميتون الصلاة فصل الصلاة لوقتها)) لا تنتظرهم حتى يخرج الوقت المختار، أو يخرجونها عن وقتها، ((فصل الصلاة لوقتها)) يعني إذا عرفت من عادتهم المطردة أنهم يؤخرون الصلاة ((فصل الصلاة لوقتها))، طيب يوجد مساجد في هذا البلد وغيره عرف عن أئمتها أنهم يؤخرون الصلاة يمكن بعد الناس بساعة، لكنها ما زالت في الوقت المختار، وأقول: لا ينبغي قصد هؤلاء هذه المساجد إلا لمن فاتته الصلاة؛ لأن هذا التأخير لا شك أنه مرجوح، والتعجيل أفضل، لكن يبقى أننا إذا وازنا بين هذا التأخير الذي هو ما زال في وقت الاختيار وبين فوات الجماعة قلنا: إن هذا التأخير أسهل من تفويت الجماعة، لكن يبقى أن أولئك الأمراء الذين أشار إليهم النبي -عليه الصلاة والسلام- تأخيرهم إلى الوقت الذي هو وقت الضرورة، وقت اصفرار الشمس، ولا يجوز للإنسان أن يؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، يأثم بذلك وإن كانت في وقتها الاضطراري، وتسمى أداء وليست بقضاء.