"ورخص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض، وبه يقول أحمد وإسحاق" وقال عطاء: يجمع المريض بين المغرب والعشاء، كذا في صحيح البخاري معلقاً؛ لأنه قد يحتاج إلى النوم فلا يستطيع انتظار صلاة العشاء، فلا مانع من أن يجمع بينهما، وقد يضطره المرض إلى النوم قبل صلاة العشاء أو قبل صلاة المغرب فيؤخرها إلى صلاة العشاء، وهو معذور في هذا، والمشهور عند الإمام الشافعي أن المريض لا يجمع بين الصلاتين.
"وقال بعض أهل العلم: يجمع بين الصلاتين في المطر، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق" والمشهور من مذهب مالك إثباته في المغرب والعشاء، وهو المشهور أيضاً عند الحنابلة أن الجمع بسبب المطر إنما هو بين المغرب والعشاء لا بين العصر والظهر، مع أن الصحيح والمرجح أنه كما يجمع بين المغرب والعشاء يجمع بين العصر مع الظهر، كما في حديث الباب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين الظهر والعصر وجمع بين المغرب والعشاء.
"ولم يرَ الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين" وصح الجمع للمستحاضة، والاستحاضة نوع مرض، وبسط ابن القيم -رحمه الله تعالى- في إعلام الموقعين جواز الجمع بين الصلاتين لأهل الأعذار.
يقول الشيخ أحمد شاكر تعليقاً على قوله: ولم يرَ الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين، يقول: حكى الترمذي الأقوال هنا وقال في آخر كتابه في أول العلل: "جميع ما في هذا الكتاب من الحديث فهو معمول به، وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حديثين، حديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين الظهر والعصر في المدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطر -من مجموع الروايات وإلا لم يثبت الجمع بين الألفاظ الثلاثة كما قال ابن حجر- وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه)) وقد بينا علة الحديثين جميعاً في الكتاب، وهو هنا لم يبين علة لحديث ابن عباس، بل ذكر حديثاً يعارضه من طريق حنش، وضعفه من أجله، وإنما احتج بالعمل فقط، ونقل أقوال الفقهاء.