وشيخ الإسلام لما يتحدث عن البدع يشدد في شأنها وفي أمرها ويفندها بقوة، لكن إذا سئل عن الأشخاص أعطاهم حقهم، ووفاهم ما يستحقونه، وأشاد بهم، وأثنى عليهم بقدر ما عندهم من حق، ثم بعد ذلك عقب على ما عندهم من ضعف، إذا خشي من ضرر شخص بعينه أن يتعدى ضرره، وأن يغتر به صغار الطلاب مثل هذا قد يقتصر على التنبيه على الخطأ فقط، وتجريد الأخطاء من الكتب مثل هذا .. ، تجريد الأخطاء تأتي إلى كتاب فتقول: أخطأ فلان، إلى فتح الباري فتقول: أخطأ ابن حجر تطلع لي مجلد ينفر طلاب العلم من هذا الكتاب هذا أمر غير محمود، ولم يفعله السلف، السلف ينبهون عن الأخطاء في مواضعها، لا سميا إذا خشي تعديها إلى طلاب العلم، وإلا التنفير من كتب العلم بهذه الطريقة هذا أمر غير محمود، وإلا فماذا يبقى لنا إذا نفرنا الطلاب من فتح الباري أو من شرح النووي أو من تفسير القرطبي أو من التفاسير المعتمدة عن أهل العلم؟ نعم ينبه على الخطأ في موضعه، لكن مع ذلك لا يجرد الخطأ بحيث يبرز ويوضح ويظهر مثل من استخرج ضعيف كتاب التوحيد مثلاً، ضعيف كتاب التوحيد هذا ينفر طلاب العلم من كتاب التوحيد، كتاب نفع الله به، ومع ذلك يستخرج ضعيفه هذا ليس بلائق، لكن لا يمنع أن يخرج الكتاب، ويذكر تحت كل حديث ما يليق به على أن الإمام المجدد -رحمه الله- لا يعتمد على الأحاديث الضعيفة، وإنما يعتمد على ما صدر به الباب من آية وحديث صحيح، أقول: هذه ليست طريقة لبيان الحق ونصر الحق، بقدر ما هي طريق لتنفير الناس من العلم وكتب أهل العلم، نعم إذا كثر الضرر من كتاب وصارت الأمة لا تفقد شيء بفقده وأبرزت أخطاؤه لا مانع، يعني يخشى على طلاب العلم من الضرر والتضرر بتفسير الزمخشري مثلاً، أو تفسير الرازي مثل هذا لا مانع أن ينبه على أن فيهما ضرر كبير، فضلاً عما هو أشد منهما ضرراً، كالفتوحات والفصوص وغيرها لأبن عربي، أما ما كان نفعه أكثر وأخطاؤه مغمورة بالنسبة إليه مثل هذا يكتفى على التعليق على الكتاب في مواضعه ويبين الحق.