يقول: ولا يقع به غالباً إلا الخنق الذي ليس هو على صورة الذبح، وقد قالوا: إن الحبشة تدمي مذابح الشاة بالظفر حتى تزهق نفسها خنقاً، واعترض على التعليل الأول بأنه لو كان كذلك لمتنع الذبح بالسكين وسائر ما يذبح به الكفار، وأجيب بأن الذبح بالسكين هو الأصل، وأما ما يلتحق بها فهو الذي يعتبر فيه التشبه لضعفها، ومن ثم كانوا يسألون عن جواز الذبح بغير السكين وشبهها عما سيأتي واضحاً، ثم وجدت في المعرفة للبيهقي من رواية حرملة عن الشافعي أنه حمل الظفر في هذا الحديث على النوع الذي يدخل في البخور فقال: مقصود الحديث أن السن إنما يذكى بها إذا كانت منتزعة، فأما وهو ثابتة فلو ذبح بها لكانت منخنقة، يعني فدل على أن المراد بالسن السن المنتزعة، وهذا خلاف ما نقل عن الحنفية من جوازه بالسن المنفصلة، قال: وأما الظفر فلو كان المراد به ظفر الإنسان لقال فيه ما قال في السن؟ لكن الظاهر أنه أراد به الظفر الذي هو طيب من بلاد الحبشة، وهو لا يفري فيكون في معنى الخنق.
هذا نقله من فتح الباري.
يقول: وفيه المنع من الذبح بالسن والظفر متصلاً كان أو منفصلاً، طاهراً كان أو متنجساً، وفرق الحنفية بين السن والظفر المتصلين فخصوا المنع بهما وأجازوا بالمنفصلين، وفرقوا بأن المتصل يصير في معنى الخنق، والمنفصل في معنى الحجر، وجزم ابن دقيق العيد بحمل الحديث على المتصلين، ثم قال: استدل به قوم على منع الذبح بالعظم مطلقاً لقوله: ((أما السن فعظم)) فعلل منع الذبح به لكونه عظماً، والحكم يعم بعموم علته، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة ظاهر هذا أنه من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو تنبيه على تعليل منع التذكية بالسن لكونه عظماً، فيلزم على هذا تقوية المنع من السن أو تعدية المنع من السن إلى كل عظم من حيث أنه عظم متصلاً كان أو منفصلاً، وإليه ذهب النخعي وغيره، وفقهاء أصحاب الحديث منعوا الذكاة بالظفر والعظم حيث كان، وأجازوه بما عدا ذلك للحديث، وهو أحد أقوال مالك.