يقول: منعوا الذكاة بالعظم حيث كان وأجازوه بما عدا ذلك من حديث وهو أحد أقوال مالك، ((وأما الظفر فمدى الحبشة)) يعني أن الحبشة يذبحون بأظفارهم ولا يستعملون السكاكين في الذبح، فمنعنا الشرع من ذلك لئلا نتشبه بهم، فقيل: إنهم كانوا يغرزون أظفارهم في موضع الذبح فتنخنق الذبيحة، وعلى هذا فيكون محل المنع إنما هو الظفر المتصل، ويكون حجة إلى ما صار إليه ابن حبيب من ذلك، انتهى.
وقيل بالفرق بين المتصل منهما فلا تجوز الذكاة به، وبين المنفصل فتجوز الذكاة به قاله ابن حبيب، فالأول تمسك بالعموم، والثاني نظر للمعنى؛ لأنه يحصل بهما الذبح وهو ضعيف، والثالث بأن الظفر المتصل خنق، والسن المتصل نهش، والصحيح الأول، وما عدا ذلك فليس عليه معول.
وهذا أيضاً في المسألة نفسها لكنه من اجتهاده لا نقلاً عن أحد.
يقول: ذكرت في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((وأما الظفر فمدى الحبشة)) وقلتم هل تطرد العلة في غير الذبح أم لا؟ وأعرض على فضيلتكم ما ظهر لي، فإن كان صواب فالحمد لله، وإن كان خطأ فهو فهم مني أرجو تصوبيه، ولم أقرأه في كتاب، بل نزلت هذا الفرع على الأصول ظهر لي أن هذا العموم مخصوص بالآتي: مخصوص بالعرف، حيث أن العرف والعادة تخصص العموم، ذكر ذلك صاحب المراقي قال:
والعرف حيث قارن الخطابا ... . . . . . . . . .
أي العرف من المخصصات للعموم، أيضاً هذا العموم مخصص بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، حيث إن إعمال الظفر في غير الذبح لا شك أنه شائع، وتحيل العادة عدم حدوثه فإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذه الأفعال مخصص للعموم، وأيضاً قوله: أما الظفر فمدى الحبشة هذه تعريف الجزأين المسند والمسند إليه يقتضي الحصر والقصر على الحبشة فقط ...
وما أردي كيف؟ نعم التعريف الجزأين يدل على الحصر لكن الظفر مدى الحبشة، إذا قلنا: إنه خاص بهم ومنعنا من التشبه بهم، فسبب المنع التشبه.